للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن بلغن أربعاً، ومن أصحابنا من سلك بذلك مسلك المضايقة، ولم يذكر القيام بأكثر من مؤنة زوجة واحدة.

٧٧٩٥ - ثم قال الشافعي: "وعليهم أن يغزوا إذا أغزوا، ويرى الإمام في إغزائهم رأيه ... إلى آخره" (١).

وهذا بكتاب السير أليق، ولكنه ذكره هاهنا، فنشير إليه، ثم نعود إلى استقصائه في كتاب السير، إن شاء الله تعالى.

فنقول: حق على المرتزقة أن يتبعوا رأي الإمام وأمرَه، وإذا ندبهم إلى الجهاد، لم يتثبطوا ولم يعارضوا رأي الإمام، بل طاروا إلى الجهة التي يعيّنها. وهذا فائدة إعدادهم واستعدادهم، فلا يكون لهم مشاركة في الرأي، ويكون إلى التأني (٢).

ولو أراد الإمام ندبهم، فلا شك أنه يُغزي كل طائفة إلى الصوب الذي يليهم، ويكون قد رتب في كل قطر أقواماً يكتفون به.

وهذا الفن يحتاج إلى فصل ثانٍ، وسيأتي مبيناً في كتاب السير، إن شاء الله تعالى.

ولو أراد الإمام أن يندب طائفة من المطوّعة، فإن لم تحدث حالة يتعين القتال لها، فلا ينبغي للإمام أن يجزم أمره في ذلك؛ فإن المطّوعة ليس الجندَ المرتبين، والجهادُ في حقهم من فروض الكفايات، فلو جزم الإمام أمره من غير حادثة تقتضيه، لكان ملحقاً فرضَ الكفاية بمراتب فرائض الأعيان، وهذا لا سبيل إليه؛ فإن فعل الإمام، فهل يتعين امتثال أمره، وارتسام رسمه؛ بذلاً للطاعة على حسب الاستطاعة؟

وفيه اختلاف عظيم الوقع في حكم الإمامة، ونحن بعون الله نذكر من هذا طرفاً صالحاً في كتاب السير، إن شاء الله تعالى، عند ذكرنا المحالّ التي يتعين فيها الجهاد، والمواضع التي لا يتعين فيها الجهاد، فعند ذلك [نذكر تأصيل] (٣) هذا الفصل وتفصيله، إن شاء الله تعالى.


(١) ر. المختصر: ٣/ ٢٠٣، والأم: ٤/ ٧٩.
(٢) كذا. ولعل المعنى: ويكون الإمام أميل إلى التأنِّي.
(٣) مطموس تماماً في الأصل، والمثبت تقديرٌ منا.