للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولاً واحداً. والمذكور في الأم محمول على ما إذا كان لا يخاف مرضاً، وهذا هو الصحيح؛ فإنه إذا كان يخاف مرضاًً، وذلك المرض مخيفٌ، فهو كما إذا كان يخاف الهلاك.

فإن قلنا: يتيمّم من يخاف مرضاًً، فلو كان يخاف لو استعمل الماء إبطاءَ بُرءٍ، أو شدةَ وجعٍ، فعلى هذا القول وجهان، وقد ذكر العراقيّون خوفَ المرض، وشدةَ الوجع، وإبطاءَ البُرْء في قرَنٍ، وطردوا القولين على الترتيب الذي ذكرناه، وعندي أنهم فهموا من إبطاء البُرْء، وشدة الوجع، المرضَ المخوف؛ فأجْرَوْا الكلامَ في الجميع مجرىً واحداً. والذي نحققه من الطرق يحويه الترتيبُ الذي ذكرته.

٢٤٣ - والوجه ذِكْرُ القولين كما قدّمنا فيه إذا كان يخاف مرضاًً مخيفاً، ثم ذكر الوجهين في إبطاء البرءِ وشدّة الوجع على أحد القولين.

وكأن حقيقة الخلاف يؤول إلى أن التيمم هل يستدعي جوازُه خوفَ الهلاك؟ أم يكفي فيه ضررٌ ظاهرٌ؟ وإن لم يكن فيه خوفُ الهلاك، وهذا مأخوذ من التردّد في شدة الوجع وإبطاء البرء، والوجع قد يشتدّ في جرح، وإن كان يبعد إفضاؤه إلى خوف رو، أو عُضوٍ.

٢٤٤ - ومما يتعلّق بهذا أنه لو كان يخاف لو استعمل الماء بقاءَ شَيْنٍ، فإن لم يكن الشَيْن على عضوٍ ظاهرٍ، فلا يجوز التيمم لأجله، وإن كان الشيْن المقدّر بحيث لو بقي، لم يكن قبيحاً، فلا ينتصب عذراً، وإن كان يخاف بقاء شيْن قبيح، على عضوٍ ظاهر، ففيه وجهان، ذكرهما العراقيون، وأشار إليهما شيخي، وهذا ملحق بما قدمّناه.

٢٤٥ - ومن تمام الكلام في هذا: أنه لو كان يخاف سقوطَ منفعةٍ من منافع عضوٍ مع بقاءِ منافع، فالظاهر عندي القطع بجواز التيمم؛ فإن سقوطَ منفعةٍ من المنافع، كسقوط أنملةٍ، أو إصبع من يدٍ، فهذا عذرٌ وفاقاً، وإن كان معظم منفعة اليد تبقى، عند سقوط أُنملةٍ وإصبع (١).


= الفهرست: ٣٠٠، وتاريخ بغداد: ٧/ ٢٦٨، وطبقات الشيرازي: ١١١، والأنساب: ١/ ٢٩١، ووفيات الأعيان: ٢/ ٧٤، وشذرات الذهب: ٢/ ٣١٢).
(١) في هامش (ل) ما نصه: "مثلاً: لا يمكن حمل شيء ثقيل بيده، وتسقط هذه المنفعة خاصة مع بقاء المنافع".