للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا أملك قضاءها أحب إليّ من أن أموت وأخلف مثلها" (١). ولا معنى لصرف مال المصالح في دينه (٢). وإن ظلم بالمطل، ومات معسراً، فالأوجه ألا يصرف مال المصالح إليه، فإن قيل بجوازه، فيقضى أيضاً دين من لم يظلم؛ ترغيباً لأرباب الأموال في إسعاف المحتاجين وشرطه -عاماً وخاصاً- أن يفضل المال عن مصالح الأحياء.

ومن الإيجاب مشاورة [ذوي الأحلام] (٣) عند قومٍ؛ لقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: ١٥٩]. وقيل: نُدِب إليها استعطافاً للقلوب.

وسر تخصيصه بالإيجاب تعظيم ثوابه؛ فإن ثواب الفرض أعظم؛ قال صلى الله عليه وسلم حاكياً عن ربه عز وجل: "ما تقرّب المتقربون إليَّ بمثل أداء ما افترضت عليهم" (٤). وقال صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى: عبدي، أدِّ ما افترضت عليك، تكن أعبد الناس، وانته عما نهيتك عنه، تكن أورع الناس، وارض بما قسمت لك، تكن أغنى الناس، وتوكّل على الله، تكن أكفى الناس" (٥). وقيل: يزيد ثواب الفرض على النفل سبعين درجة؛ لما روى سلمان الفارسي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في شهر رمضان: "من تقرّب فيه بخصلة من خصال الخير، كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فريضة فيه، كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه" (٦).


(١) أثر عائشة رضي الله عنها لم نقف عليه.
(٢) فالراجح عند الإمام أنه لا يقضى دينه من سهم المصالح.
(٣) في الأصل: "ذوي الأْرحام" وهو سبق قلم؛ فلا معنى لتخصيص ذوي الأرحام بالمشورة.
(٤) حديث "ما تقرّب المتقربون إليَّ ... " طرف من حديث أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه (ر. البخاري: الرقاق، باب التواضع، ح ٦٥٠٢، التلخيص: ٣/ ٢٥٤ ح ١٥١٣).
(٥) حديث " ... عبدي، أدِّ ما افترضت عليك" قال في كشف الخفا (١/ ٧٥ ح ١٧١): "رواه ابن عدي عن ابن مسعود. قال الدارقطني: رفعه وهم، والصواب وقفه".
(٦) جاء في زيادات النووي في الروضة: ٣/ ٧ قوله: "قال إمام الحرمين هنا: قال بعض علمائنا: الفريضة يزيد ثوابها على ثواب النافلة بسبعين درجة، واستأنسوا فيه بحديث" ا. هـ.
وجعل ابن حجر هذه من فوائده في تلخيص الحبير، وعقب على كلام النووي قائلاً: =