للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقابل النفل فيه بالفرض في غيره، وقابل الفرض فيه بسبعين فريضة في غيره، فأشعر أن الفرض يزيد على النفل سبعين درجة، بل دلّ أن كل نفل شهر رمضان كفرض غيره، وأن فرضه بسبعين فريضة في غيره.

٧٨٣٣ - فأما ما وجب في النكاح:

فمنه تخييره نساءه، لقوله سبحانه: {قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: ٢٨]. وقيل: إن سبب التخيير أنهن طالبنه بشيء من الدنيا، ولم يكن في يديه وفاء به (١).

وروي أن إحداهن طلبت منه خاتماً من ذهب، فجاءها بخاتم من فضة، لطخه بالزعفران، فردته. وقد روي في سبب التخيير وجوه، ويظهر أن [نفرة] (٢) زحفت إلى قلبه صلى الله عليه وسلم لمطالبتهن له بما لايجده، فآلى صلى الله عليه وسلم أن لا يدخل عليهن شهراً.

وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: كنّا معاشر المهاجرين متسلطين على نسائنا بمكة، وكانت نساء الأنصار مسلّطات على رجالهن، فلما قدمنا المدينة اختلطت نساؤنا بنسائهم، فطفقن يتخلقن بأخلاقهن، فكلمت امرأتي ذات يوم في شيء، فراجعتني، فرفعت يدي لأضربها، وقلت: لا تراجعيني يا لكعاء، فقالت: إن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم يراجعنه، وهو خير منك، فقلت: خابت حفصة وخسرت إذاً. فجمعت ثيابي وقمت، فأتيت حفصة، فقلت لها: أتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت: نعم. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يظلّ على


= "والحديث المذكور ذكره الإمام في نهايته، وهو حديث سلمان مرفوعاً" وساق الحديث على نحو ما هو وارد هنا في شهر رمضان. ثم قال: "وهو حديث ضعيف، أخرجه ابن خزيمة، وعلّق القول بصحته [أي قال: إن صح الخبر] واعترض على استدلال الإمام به، والظاهر أن ذلك من خصائص رمضان، ولهذا قال النووي: استأنسوا، والله أعلم" انتهى كلام الحافظ (ر. التلخيص: ٣/ ٢٥٤) وانظر صحيح ابن خزيمة: ٣/ ١٩١ - ١٩٢ - رقم: ١٨٨٧.
(١) حديث أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم طالبنه بشيء من الدنيا، ولم يكن في يديه وفاء به، رواه ابن سعد في الطبقات عن جابر رضي الله عنه (٨/ ١٧٩) وما بعدها.
(٢) الكلمة بين المعقفين اختيار من المحقق لمناسبة السياق، وفي الأصل كلمة تعذر قراءتها.