للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعروف، وفي تحريمها على ذوي القربى خلاف تقدم. وقيل: بأنها لم تحرم عليه، لكنه كان يأنف منها تعففاً. وهو بعيد غريب.

ومنه خائنة الأعين (١)، فكان لا يجوز له أن يظهر شيئاً ويسر خلافه وهو يسمى الإيماض بالعين. وقيل: كان يحرم عليه الإيهام، والختل بجميع وجوه الأفعال، حتى الخُدعة في الحرب. وهذا مزيف. فقد صح "أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أرِاد سفراً وزَى بغيره" (٢). وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "الحرب خُدعة" (٣). قال: لا أدري أخبرٌ هو عنه، أم أثر عن علي كرم الله وجهه لما قتل عمرو بنَ عبد ود؛ ولأن الإيماض والتلويح بالترامز يحط من قدر المتكلم، ويسقط من أبّهته؛ فأما الإيهام في الأمور العظام، فمعدود من الإيالات والسياسات. ومكائد الحروب لا تزري بأصحابها.


= فالكلمة (الصدقة) مبتدأ مؤخر، خبره فمما حرم عليه، والله أعلم.
(١) دليله قوله صلى الله عليه وسلم: "لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين" رواه أبو داود، والنسائي، والبزار، والحاكم، والبيهقي من حديث سعد بن أبي وقاص في قصة الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهم يوم فتح مكة. وروى أبو داود والترمذي والبيهقي من طريق أخرى عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنه ليس لنبي أن يومض". وفي رواية لابن سعد في طبقاته: "الإيماء خيانة، وليس لنبي أن يومىء" (ر. أبو داود: الجهاد، باب قتل الأسير ولا يعرض عليه الإسلام، ح ٢٦٨٣، والجنائز، باب أين يقوم الإمام من الميت إذا صلى عليه، ح ٣١٩٤، النسائي: تحريم الدم، باب الحكم في المرتد، ح ٤٠٦٧، مسند البزار: ٣/ ٣٥٠ - ٣٥١، الحاكم: ٣/ ٤٥، السنن الكبرى للبيهقي (٧/ ٤٠) (١٠/ ٨٥)، طبقات ابن سعد: ٢/ ١٠٧، التلخيص: ٣/ ٢٧٤ ح ١٥٤٩.
(٢) حديث "أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفراً وزى بغيره" متفق عليه من حديث كعب بن مالك (ر. البخاري: الجهاد، باب من أراد غزوة فوزى بغيرها ح ٢٩٤٧، مسلم، التوبة، باب حديث توبة كعب بن مالك ح ٢٧٦٩، التلخيص: ٣/ ٢٧٥ ح ١٥٥٠).
(٣) حديث "الحرب خدعة" متفق عليه من حديث جابر، ولمسلم أيضاً من حديث أبي هريرة (ر. البخاري: الجهاد، باب الحرب خدعة، ح ٣٠٣٠. مسلم: الجهاد، باب جواز الخداع في الحرب، ح ١٧٣٩، ١٧٤٠).