للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يفدي به جناية العبد (١)، فلو قتل السيدُ العبد (٢)، لم يلزمه إلا الأقل؛ لأن المتلف لا يلزمه إلا قيمة ما أتلفه (٣)، وقيل: يُبنى على القولين، وهو بعيد (٤)، واستخدام السيد العبد بمثابة قتله؛ لأنه أتلف متعلق حقوق النكاح، وهو منفعته (٥).

ويتجه فيه أن السيد أحال بحقوق النكاح على الكسب، فإذا أفسده، فسائر أمواله ككسبه عنده، بخلاف جناية العبد؛ فإنها تجب من غير سبب صدر من جهته.

ولو استخدم العبدَ أجنبي يوماً أو أياماً، لزمه أجرة المثل بلا شك من غير مزيد، لأنه أتلف منافعه، ولم يورط العبد فيما ورطه المولى (٦) من التزام حقوق النكاح.

ونظير استخدام السيد هذا العبد ما إذا استخدم مكاتَبه مدة، ففي قولٍ يلزمه أجرة مثل المدة، ويناظر إلزامنا السيد أقل الأمرين، وفي قول يمهله مثل المدة زيادةً على نجومه، فيناظر إلزامنا السيد أكثر الأمرين.

فإن قلنا: يلزم السيد أقل الأمرين، فلا إشكال فيه، وإن قلنا: يلزمه الأكثر، لزمه المهر ونفقة الأيام التي استخدمه فيها، وفي إلزامه النفقة لمستقبل الأيام وجهان: أحدهما - تلزمه؛ لجواز أن يكتسب في تلك المدة ما يكفيه لبقية حياته، والثاني - لا يلزمه إلا الواجبات في أيام الاستخدام، أما الحادث الذي لا يحصر، فلا.


(١) في فداء السيد لعبده الجاني خلاف فيما يفديه به؟ قيل: يفديه بكمال أرش الجناية، وقيل: يفديه بأقل الأمرين: قيمة العبد أو أرش الجناية.
(٢) المراد العبد الجاني الذي تعلق برقبته أرش جنايته.
(٣) فإذا جنى العبد جنايةً أرشها خمسون من الإبل، كأن قطع يداً من حُرٍّ سليم الأعضاء، يتعلق أرش هذه الجناية برقبته، فإذا كانت قيمته أقل من الأرش، كأن يساوي أربعين من الإبل مثلاً، لم يغرم السيد للمجني عليه إلا قيمة العبد وهو الصحيح؛ لأن المُحلف لا يلزمه إلا قيمة ما أتلفه. على حين لو أراد السيد أن يفدي عبده الجاني كان في المسألة قولان: يفديه بالأرش بالغاً ما بلغ، وقيل: يفديه بالأقل من القيمة أو الأرش.
(٤) المذهب أنه لا يلزمه إلا القيمة في حالة قتله العبد، وهو ما عبر عنه الرافعي بالصحيح. (ر. الشرح الكبير: ٨/ ٢٠٣).
(٥) المعنى أن الأرجح أنه لا يلزم السيد بالاستخدام إلا أجرة مثله؛ فهي قيمة ما أتلفه، وهو منفعة العبد.
(٦) ورّطه السيد في التزام حقوق النكاح عندما أذن له فيه.