للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا ما ذكره الشيخ أبو علي (١)، ولا يحصل بما ذكرناه بيان؛ فإنا نقول: النفقة وإن كانت واجبة، فإذا كان الأب لا يحتاج إلى الإعفاف أصلاً، فلا يجب الإعفاف، فلا بد إذن مع وجوب النفقة [من] (٢) اعتبار الحاجة.

٨٠١٠ - ثم لم أر له في ذلك ضبطاً، فينقدح أن نقول: يعتبر فيه خوف العنت، وسأصف ذلك -إن شاء الله عز وجل- بما يضم نشره ويقرّبه من الضبط، والإحالة هاهنا كافية. ويجوز أن يقال: لا يشترط خوف العنت، وهذا ما يدل عليه ظاهر كلام الأصحاب.

ثم أشاروا إلى مسلكين: أحدهما - أن الحاجة الحاقة وإن كان لا ينضم إليها [ظن الوقوع] (٣) في السفاح، وشرط هذه الحاجة أن يتضرّر صاحبها بالتعزّب، ولا تعويل على الشهوة المحضة؛ فمعظم من يشتهي الوقاع يضره الاستمتاع، ثم هذه الحاجة لا تتميز عن حاجة صاحب العنت، إلا أن خوف العنت يفرض فيمن لا تكمل مُنّته في التقْوَى، وما ذكرناه في التردد يرجع إلى هذا وجوداً وعدماً.

وذكر معظم الأصحاب أنا لا نعتبر الحاجة، ولكنا نُتبع وجوبَ الإعفاف وجوبَ النفقة؛ فمهما طلب الأب المستحقُ النفقةَ الإعفافَ، لزم إسعافه وإعفافه، وظاهر هذا الكلام لا يكشف الحق، فلا يجوز للأب أن يطلب الإعفاف وهو لا يحتاج إليه، هذا (٤) لا يسوغ أصلاً، ولكن التردد في معنى الحاجة، كما تقدم. ثم يجب تصديق الأب فيه؛ فإنه لا يُعرف تحقق الحاجة إلا من جهته، ولا يليق بمنصبه أن يُحلّف؛ فرجع حاصل الكلام إلى التردد في خوف العنت، والقطع بتصديق الأب، إذا أخبر عن نفسه.

ثم إن كان الأب لا يحتاج إلى النفقة، وكان معه بلاغ على قدر النفقة من غير فضل، وكان يحتاج إلى الإعفاف؛ ففي كلام الأصحاب تردد ظاهر في ذلك.


(١) ذكر النووي هذه الطرق، ولم يرجح أيّاً منها ولا من وجوهها (ر. الروضة: ٧/ ٢١٤).
(٢) في الأصل: مع.
(٣) في النسختين: ظنٌّ في الوقوع.
(٤) ت ٣: وهذا.