للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو كان أبوه ممن تحل ذبيحته ومناكحته وكانت أمه مجوسية أو وثنية، ففي المسألة قولان: أحدهما - أن مناكحة الولد مباح ومذكاه مستباح، نظراً إلى أبيه؛ فإنه إليه ينتسب وبه يعرف.

والقول الثاني -إن هذا الولد يلتحق بمن لا يناكح ومن لا تُستحل ذبيحته- تغليظاً عليه وتشديداً للحكم في حقه.

وعبّر بعض الأئمة عن هذين القولين بعبارة مرسلة تؤدي هذا الغرض المفصّل، فقال: في الولد المتولد من بين من تحل ذبيحته ومن لا تحل ذبيحته قولان: أحدهما - أن الاعتبار بأبيه فيه، والثاني - أنا نأخذ بالتغليظ ونحكم بتحريم الذبيحة والمناكحة إذا كان أحد أبويه ممن لا يناكح ولا تستباح ذبيحته، سواء كان أباً أو أماً، وهذا بعينه ما ذكرناه مفصلاً قبل.

٨١٩٢ - وقد ذكر صاحب التلخيص جملاً من أحكام الأولاد رأيت معظمها مذكوراً مكرراً في الكتب، وأنا أذكر منها ما أراه مفيداً.

أما الإسلام، فيلحق الولد من كل واحد من أبويه لقوته واستعلائه؛ فإنه يعلو ولا يعلى (١)، هكذا قاله المصطفى، وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم "الإسلام لا يشركه الشرك، والشرك يشركه الشرك" (٢).


(١) إشارة إلى الحديث الشريف: "الإسلام يعلو ولا يعلى" رواه الروياني، والدارقطني والبيهقي، والضياء المقدسي، وقد حسنه الألباني (ر. صحيح الجامع الصغير: ١/ ٥٣٨ ح ٢٧٧٨، والإرواء: ٥/ ١٠٦ ح ١٢٦٨) وانظر أيضاًً (سنن الدارقطني، ح ٣٩٥، والبيهقي ٦/ ٢٠٥ - والسياق له).
(٢) حديث "الإسلام لا يشركه الشرك"، لم أجده حديثاً، وإنما هو من كلام إمامنا الشافعي، فيما قاله التاج السبكي في ترجمته للأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني، إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران، حيث قال: "تكلم الأستاذ الإسفراييني في كتاب (الحَلْي في أصول الدين) على قول الشافعي رضي الله عنه: "الإيمان لا يشركه الشرك، والشرك يشركه الشرك" بما حاصله، أن الإيمان لو قارنه اعتقاد قدم العالم، أو نحوه من الكفران، ارتفع بجملته، والكفر كالتثليث مثلاً، لو قارنه خروج الشيطان على الرحمن ومغالبته، كما يقول المجوس، لم يرتفع شركه بالنصرانية، بل ازداد شركاً بالمجوسية". انتهى ما حكاه عن الأستاذ أبي إسحاق. =