ونحن نوضح مذهب ابن سُريج في ذلك، فنقول: مِن أصله أن الريح لو ألقت ثوباً نجساً في إجّانة فيها ماء، تنجس الماءُ، ولم يطهر الثوب، ولو طرحه الغاسل فيها على قصد الإزالة، حصلت الإزالة، ولم ينجس الماء، إن لم يتغيّر.
وظاهر المنقول عنه أن الماء لو انصبّ من غير قصدٍ على ثوبٍ نجسٍ، وكان ينحدر منه، ودُفَعُ الماء تتوالى، حتى زالت النجاسة، طهر الثوب من غير قصدِ قاصدٍ.
وما ذكره من القصد في الصورة الأولى، لم نعدم فيها مخالفاً من الأصحاب؛ فإن منهم من يقول: الغرض زوالُ النجاسة بالماء، فلا أثر للقصد، ولا يمتنع أن يراعى القصدُ في انصباب الماء القليل على الثوب. فهذا تمام ما أردناه: نقلاً واحتمالاً.
٣٢٥ - وحكى الشيخ أبو علي في الشرح من تفريع ابن سُريج أن الماء القليل لو وردت عليه نجاسة وغيّرته، فلو صبّ عليه ماءٌ على قصد تطهيره بالغمر والمكاثرة، فإن زال التغيّر، وبلغ الماء حدّ الكثرة، فلا شك في طهارة الماء، وإن انغمرت النجاسة، ولم يبلغ الماء حدَّ الكثرة، قال ابنُ سُريج يطهر الماءان، إذا قصد به الغَسْل.
ثم قال الشيخ: هذا تفريع منه على أن العصر لا يجب، ولا تُشترط إزالة الغُسالة، فأما إذا شرطنا ذلك -وهو غير ممكن- فإن الوارد لا يتميز عن المورود عليه، فالكل نجسٌ.
وهذا عندي -إن صح النقل- من هفوات ابن سُريج، فلا معنى لغسل الماء من غير جهةِ تبليغه قلتين.
فإن كان الغرض زوالَ التغيّر، فالماء القليل ينجس عندنا بورود النجاسة عليه، وإن لم يتغير، فليس مما يُتمارى في فساده.
ثم قال الشيخ: ينبغي أن يكون الوارد أكثر من المورود عليه، حتى يحصل الغسل بهذه الجهة. والتفريع على الفاسد فاسد.
٣٢٦ - ومما يتعلق بغُسالة النجاسة: أنا إذا حكمنا بطهارتها، جرياً على النص، فلا يجوز استعمالها ثانيةً، وهي كالماء المستعمل في طهارة الحدث. ثم المستعمل