للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإذا عُقِد النكاحُ على التفويض، ثم فُرض الطلاق قبل المسيس؛ فلا يثبت من المهر شيء فتمثل (١) القول من هذا المنتهى، فرأى الشافعي -بعد التردد في حديث معقل- في قول حكمَ المهر عند الموت ولا مسيس، كحكم نصف المهر عند الطلاق قبل الدخول؛ فإن نصف المسمى كان ثبت عند الطلاق. والآية لم يثبت منه شيء، فكان تشبيه ما يقتضيه الموت من التقرير بما يتقرر من المسمى عند الطلاق قبل المسيس، أولى من تشبيهه بما إذا جرى المسيس. فهذا أحد القولين، وهو فقه حسن.

والقول الثاني - أن الموت في اقتضائه التقريرَ، نازل منزلة الوطء؛ فإنه إذا انقضى العمر على النكاح، وبلغ بانقضائه النكاحُ غايتَه، فقد اتصل بالمقصود -وهو الدوام إلى آخر العمر- فيجب ألا يكون عريّاً عن المهر.

والقول الأول أفقه (٢)، والثاني معتضد بقصة ابن مسعود؛ فإن حديث معقل إن رده عليٌّ، عمل به ابن مسعود، ومن قواعد الأصول الترجيح بالحديث الذي لا يقطع بسقوطه؛ فإنه لا ينحط عن أقوى مسلك في الترجيحات، هذا كله بيان طريقة واحدة، وهي ما اختاره العراقيون.

٨٤٦٤ - طريقة أخرى للمراوزة، وهي: طرد القولين في أن المفوِّضة هل تستحق بأصل العقد مهراً؟ وفيه على ما ذكروه قولان: أحدهما -وهو الأصح عندهم- أنها لا تستحق بأصل العقد مهراً، وهذا الذي قطع به العراقيون ولم يعرفوا غيره.

والقول الثاني - أنها تستحق بأصل العقد المهرَ، ورأْيُ المراوزة في ذلك مختلف،


(١) كذا بهذا الرسم بدون أي نقط. (ولعل المعنى: أننا يمكن أن ندرك مأْخذ القول، ونعرف أصله).
(٢) قال النووي: " رجح الإمام والبغوي والروياني أن المهر لا يجب بالوفاة قبل المسيس " فلعله أخذه من قول الإمام: " الأول أفقه ". ثم إن النووي رأى ترجيح الوجوب، مائلاً إلى تصحيح حديث بِرْوع، ولعلّه في هذا تبع الرافعي في الشرح الكبير. قلت (عبد العظيم): واضح من كلام الإمام أنه أمْيل إلى ترجيح الوجوب وإن لم يصرّح به. (ر. الشرح الكبير: ٨/ ٢٧٩، والروضة: ٧/ ٢٨٢).