للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو استفتح النية مع اللفظ وتمت نيته، وبقي من لفظه شيء، فظاهر المذهمب وقوعُ الطلاق. ومن أصحابنا من قضى بأنه لا يقع.

ولو استفتح اللفظ عريّاً عن قصد الطلاق، ثم أتى بالنية في أثناء اللفظ، وانطبق آخر النية على انتجاز اللفظ، ففي المسألة وجهان مشهوران: أحدهما - أن الطلاق يقع؛ نظراً إلى وقت انتجاز اللفظ. والثاني - أن الطلاق لا يقع؛ لأنه لم ينشىء اللفظ على قصد الطلاق، فقد مضى صدرٌ منه عرياً عن قصد الطلاق، وباقي اللفظ لا يستقل بنفسه فتجرّدت النية عن اللفظ.

ولو فرضنا إنشاء النية واللفظ، ثم انتجز اللفظ وما تمت النية بعدُ، لم يقع الطلاق.

وقد ذكرنا أمثال هذه الصور في نية الصّلاة مع تكبيرة الإحرام، وبين الأصلين فرق يتنبه له الفقيه، وهو أن نية الصلاة ليست قصداً إلى معنى التكبير، ونيةُ الطلاق قصدٌ مختص بمعنى اللفظ واللفظ دونه لا يستقل، والنية وتكبيرة الإحرام ركنان في الصلاة [وليست] (١) النية قصداً إلى خاص معنى التكبير. ثم سرُّ النية القصدُ، والقصد لا يطول، [وقد] (٢) يفرض فيه تردد إلى التجرُّد، ومن كان هذا على ذُكره استغنى عن كثير من تطويلات الفقهاء، ثم القصد خصلةٌ، فلا يتصور انبساطها، واللفظ منبسط، فحق الاقتران أن يُقرن اللافظ القصدَ بأول اللفظ، ثم يُديم ذكرَ القصد لا عينَه، والذكر العلمُ، وكذلك الحفظ.

٨٩٨٣ - وإذا أطلق الزوج لفظاً في الكناية، وزعم أنه لم ينو الطلاق، فالقول قوله، وللمرأة تحليفه، فإن حلف، فذاك، وإن نكل عن اليمين، فلها أن تحلف، فإذا حلفت يمينَ الرد، قُضي بوقوع الطلاق، فإن قيل: على ماذا يُحمل يمينها ولا اطلاع لها على قصد الزوج؟ قلنا: معتمد يمينها قرائن الأحوال والمخايل الدالة على القصود، فلها أن تعتمد أمثال ذلك، وتبني يمينها عليه، وسنوضح في الدعاوى والبينات أن الأيمان تعتمد ذلك.


(١) في الأصل: ليست (بدون واو).
(٢) في الأصل: قد (بدون واو).