واحدة تفريعاً على اتحاد الكفارات إذا خاطب نسوةً مجردات أو إماء منفردات، وهذا ظاهر القياس.
ومن أصحابنا من قال: هاهنا تتعدد الكفارة لتعدد الجهة نكاحاً وملكاً.
وهذا خيالٌ لا أصل له، وإن كان مشهوراً، حكاه الصيدلاني وغيره، ثم صاحب الوجه الضعيف حيث انتهى التفريع إليه لا يوجب إلا كفارتين؛ نظراً إلى تعدد الملك والنكاح، وهذا كلام مضطرب، والوجه تنشئة الخلاف من عدد المحرمات منكوحات كنّ، أو إماء، أو مختلطات.
٩٠٣١ - وكل ما ذكرناه مفروض فيه إذا لم يكن لفظ التحريم صريحاً في الطلاق.
فإن كان صريحاً في الطلاق لاستفاضته وشيوعه، وتفريعنا على أن مأخذ الصرائح الشيوع، فإذا أطلق التحريم، فهذا نفرّعه على أن التحريم في اقتضاء الكفارة صريح أم كناية؟ وتحقيق القول فيه أنا إن حكمنا بأن مأخذ الصرائح الشيوع، فلا يتصور كون لفظ التحريم صريحاً في البابين؛ فإن المعنيّ بالشيوع أن لا يستعمل في اطراد العادة إلا في معنىً، ولا يقع الحكم للفظ بكونه صريحاً إلا بشرطين: أحدهما - الاستفاضة، والآخر - أن لا يستعمل إلا في معنى المطلوب.
وإذا بان أنا نضم إلى الشيوع الحصر، فلا يتصور أن يشيع لفظ على الحد الذي ذكرناه في معنيين مع اتحاد الزمان والمكان، وهذا بمثابة إطلاق الغلبة في النقود، فالغالب هو الذي يندر التعامل على غيره، ويستحيل تقدير الغلبة في نوعين؛ فإنّ قصارى هذا التقدير يجرّ تناقضاً، وهو أن كل واحدٍ منهما أغلب من الثاني، فيلزم منه إثبات شيئين كلّ واحدٍ أغلب مما هو أغلب منه. فإذا شاع اللفظ في مسألتنا في أحد المعنيين، كان صريحاً فيه كناية في الثاني.
٩٠٣٢ - وإن جوزنا أن يكون للصريح مأخذان: أحدهما - ورود الشرع، والآخر - الشيوع على النعت المقدّم، واعتمادُ الشرع في باب الصرائح يشهد له نصُّ الشافعي على أن الفراق والسراح صريحان، وإن عرفنا قطعاً أنهما ما شاعا شيوعاً يتميزان به عن الخليّة، والبريّة، والبائن.