للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه يشعر بانشراح صدره للطلاق، ولا يتميز طلقة عن طلقة، وليس كامرأتين، يضم إحداهما إلى الأخرى. نعم، إذا أجبره على الثلاث، فطلق واحدةً، فهذا فيه من الاحتمال ما فيه إذا أجبره على تطليق نسوةٍ، فطلّق واحدةً.

٩١٠٣ - ثم قال الأئمة: الهازل بالطلاق يقع طلاقه، وهو الذي يقصد اللفظ دون المعنى، وليس هو الذي يقصد طلاقاً عن وِثاقٍ، فمطلَقُ اللفظ من الهازل يوقع الطلاق ظاهراً وباطناً، ولا يُلحقه بالذي ينوي طلاقاً عن وثاق، فإن نواه في هَزلِه باللفظ دُيّن، فإن الجادَّ يُدَيّن، فالهازل في معنى الجادِّ.

٩١٠٤ - وأما اللاغي، فلا يقع طلاقه، وهو الذي يبدُر منه لفظ الطلاق من غير قصدٍ، فلا يقع طلاقه.

وهذا في تصويره فقهٌ؛ فإن الرجل إذا سمعناه يتلفظ بالطلاق، ثم ادّعى أنه كان لاغياً، فقد لا يُقبل ذلك منه ظاهراً وإن كان مقبولاً باطناًً لو كان صادقاً، فصوّر الأصحاب اللّغوَ على [نيته] (١) فقالوا: إذا كان اسم زوجته طاهرة، فقال: يا طالقة، وذكر أن هذا سبق إلى لسانه، وانقلب لسانه في بعض حروف اسمها، فقرينة الحال قد تصدّقه، فقال الأصحاب: إن ادعى اللّغوَ والحالة هذه، صُدِّق.

ولو اقترن بقوله: أنت طالق حَلُّ وِثاق، ثم زعم أنّه أراد بالطلاق أنها محلولة الوثاق، ففي [قبول] (٢) ذلك وجهان، والسبب فيه أن لفظ الطلاق مستنكر مع هذه الحالة، فإن العاقد لا يختار إطلاق هذا اللفظ، والمسألة مفروضة في اختيار اللفظ، فأما التفات اللسان في حرفٍ مع ظهور القرينة، فلا وجه إلا القطع بقبوله.

ووصل أصحابنا بهذا أن امرأته لو كان اسمها طالقة فقال: يا طالقة، وهو يقصد نداءها، لم يقع الطلاق، وكذلك لو كان اسم العبد حرّاً، فقال مولاه يا حرّ، وقصد النداء، لم يُقضَ بوقوع العَتاق، ولو قصد الطلاق، وقع الطلاق، ولو أطلق اللفظ ولا يقصد نداءً ولا إنشاءَ طلاق.


(١) مكان كلمة تعذرت قراءتها (انظر صورتها).
(٢) في الأصل: قبوله.