للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحاصل ما ذكره الأصحاب في العَتاق والطلاق وجهان، والمسألة محتملة جداً شديدة الشبه بما إذا قال: أنت طالق طالق طالق، ولم يقصد تجديداً ولا تأكيداً.

والإكراه على تعليق الطلاق يمنع انعقادَه، [كالإكراه] (١) على تنجيزه، وكذلك الإكراه على الأيْمان والنذور، والبيع والهبة، والأجارة، والنكاح، والعقود، [جُمَع] (٢) وكان شيخي يقول: الهازل بالبيع فيه احتمال: يجوز أن يقال: هو كالجادّ، وكالهازل بالطلاق والعتاق، ويجوز أن يقال: لا ينفذ البيع من الهازل به؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث جدّهن جدٌ وهزلهنَّ جدٌّ: الطلاق والعَتاق والنكاح"٣١) وموجب الحديث التحاق النكاح بالطلاق.

وفيه إشكال؛ فإنه في معنى البيع؛ من حيث إنه لا يعلّق، ولا يصح باللفظ الفاسد، ولا يَشيع من الجزء إلى الكل، بخلاف الطلاق والعتاق.

٩١٠٥ - وأما الإكراه على الردة، فإنه يسلب حكمَها؛ قال الله: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل:١٠٦].

ومن فقهائنا من يقول: يجب التلفظ بالردة لابتغاء الخلاص، كما يجب شرب الخمر عند الإكراه عليه، وهذا خطأ عندنا، فلو أصرّ الأسير على الدّين الحق، واستقتل، جاز ذلك، بل هو الأولى، وسنذكر جُملاً من هذا في كتاب الجراح، إن شاء الله.

فإذا أكُره الحربيّ على الإسلام، فنطق بالشهادتين تحت السيف، حكم بكونه


(١) في الأصل: فالإكراه على تنجيزه.
(٢) في الأصل: مجمع.
(٣) الحديث رواه الطبراني في الكبير: ١٨/ ٣٠٤ ح ٧٨٠، ورواه أبو داود: كتاب الطلاق، باب في الطلاق على الهزل، ح ٢١٩٤، والترمذي: كتاب الطلاق، باب ما جاء في الجد والهزل في الطلاق، ح ١١٨٤، وابن ماجة: كتاب الطلاق، باب من طلق أو نكح أو راجع لاعباً، ح ٢٠٣٩، والدارقطني: ٤/ ١٨، والحاكم في المستدرك: ٢/ ١٩٧، ١٩٨، رووه جميعاًً بلفظ (الرجعة) بدل (العتاق) وقد صححه الحاكم وتعقبه الذهبي في أحد رجاله، ووافق الحاكم في تصحيحه صاحبُ الإلمام، وانتهى الحافظ ابن حجر إلى الحكم عليه بأنه (حسن) (ر. التلخيص: ٤/ ٤٢٣ ح ١٧٣٧).