للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسلماً؛ فإن هذا إكراه بحق، فلم يغير الحكم، اتفقت الطرق على هذا، مع ما فيه من الغموض من طريق المعنى، فإن كلمتي الشهادة نازلتان في الإعراب عن الضّمير منزلة الإقرار، والظاهرُ من المحمول عليها بالسيف أنه كاذب في إخباره.

ولو أكَره ذميّاً على الإسلام، فأسلم فقد ذكر أصحابنا وجهين في أنا هل نحكم بإسلامه؟ والمصير إلى الحكم بإسلامه بعيد، مع أن إكراهه عليه غير سائغ، فلئن [استدّ] (١) ما ذكرناه في إكراه الحربيّ من جهة أنه إكراه بحقٍ، فلا ثبات لهذا المسلك والمكرَهُ ذميٌّ والإكراه ممنوع.

٩١٠٦ - ومما نلحقه بهذا الأصل [أنّا ذكرنا] (٢) قولين في الإكراه على الصفة الّتي علّق العتق بها، مثل أن يقول الزوج: إن دخلتُ الدار، فأنتِ طالق، فإذا أكره على الدخول ففي وقوع الطلاق قولان، والفرق بين الإكراه على صفة الطلاق وبين الإكراه على تنجيز الطلاق أو تعليقه أنا نبطل اختيار المكرَه في التنجيز والتعليقِ بالإكراه المقترن به، وهذا لا يتحقق في الصفة؛ فإن قول القائل: إن دخلتُ الدار متناول لما ينطلق عليه اسم الدخول سواء كان على صفة الاختيار، أو على صفة الإجبار، فكان الحكم بوقوع الطلاق مأخوذاً من تناول العقد لطَوْرَي الإكراه [والاختيار] (٣)، وعقدُ اليمين على ما يوجد من المكره ممكن، فإنه لو قال في اختياره: إن دخلتُ الدار مكرهاً، فأنت طالق، فأجبر على الدخول فدخل، وقع الطلاق وفاقاً. وقد نجز ما أردناه في هذا الفن.

٩١٠٧ - وبقي من الفصل الكلامُ فيما يكون إكراهاً، وفيما لا يكون إكراهاً، وهذا غائصٌ عويص، قلّ اعتناء الفقهاء به، ونحن نرى أن ننقل فيه ما بلغنا، ثم ننعطف عليه، ونتصرّف فيه بترتيب المباحثات.

أما العراقيون، فقد ذكروا فيما يكون إكراهاً على الطلاق أوجهاً: أحدها - أنه


(١) في الأصل: "استمرّ". وهذه اللفظة تصحفت كثيراً كثيراً على بعض النساخ - و (استدّ) أي استقام. وهي المناسبة للسياق.
(٢) في الأصل: ما ذكرنا.
(٣) في الأصل: والإجبار.