للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التخويف بالقتل مع غلبة الظن بوقوعه لو لم يساعِف المجبَر.

والثاني - أن الإكراه هو التخويف بالقتل أو القطع.

والوجه الثالث - أنه التخويف بالقتل أو القطع أو إتلاف المال، وكل ما يصعب احتماله، ويعدّ في العرف من أسباب الإلجاء.

ثم قالوا: ويختلف ذلك بأحوال ذوي المروءات.

فهذا منتهى كلامهم.

ونقل (١) القاضي رضي الله عنه عن القفال طريقةً في حدّ الإكراه، وارتضى لنفسه مسلكاً، وحكى عن العراقيين مسلكاً:

أما ما حكاه عن القفال، فهو أنه قال: الإكراه أن يخوّفه بعقوبة تنال بدنَه عاجلاً، لا طاقة له بها، فلو قال: إن قتلتَ فلاناً وإلا قتلتُك، أو إن لم تقتله، لأقطعنّ طرفاً من أطرافك، أو لأضربنّك بالسياط أو لأجوّعنّك، أو لأعطشنّك، أو أخلِّدُ الحبسَ عليك، فهذا كله إكراه.

فإن قال: أفعل بك هذه الأشياء غداً، لم يكن إكراهاً.

وإن قال: لأتلفَنَّ مالك، أو لأقتلنَّ ولدك، لم يكن إكراهاً؛ لأنّ هذه عقوبةٌ لا تنال بدنه.

وقال: إن قال: لأصفعنّك في السوق، والمحمول من ذوي المروءات، فليس هذا بإكراه، فإن احتمال هذا يصعب على أصحاب [المروءات] (٢)، والمتمسكون بالدّين ربما يؤثرون المشي مع الحفاء وتحسر الرأس (٣).

هذا ما حكاه عن شيخه القفال.

وقال رضي الله عنه: الإكراه عندي أن يخوّفه بعقوبة لو نالها من بدنه مبتدئاً،


(١) يعرض هنا لرأي الخراسانيين (المراوزة) بعد أن انتهى من كلام العراقيين.
(٢) في الأصل: الرعونات.
(٣) يضرب هذا مثلاً لما يمكن أن يعاقب به ويكره به: الحفاء وتحسّر الرأس. وكأن المعنى: أن المتمسكين بالدين يتحملون أمثال هذا، ويؤثرونه على الخضوع والاستجابة للمكرِه المجيز.