للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد يقال: عدم مشيئة زيدٍ إذاً لا تبين. قيل: لكن [مشيئة الله عز وجل] (١) كذلك ثم إذا شاء الطلاق، فقد جزم العدم، لما ذكرنا من أن العدم المحلوف عليه حقه أن يستمر.

فهذه فصول كافية في غرضنا، ونحن نرى أن نصل بمختتم هذا الفصل فروعاً تتعلق بالمشيئة.

فروع:

٩١٧٤ - إذا قال لامرأته: أنت طالق إن شئت، فقد ذكرنا أن المشيئة تتعلق بالمجلس، والمعنيُّ بالمجلس قربُ الزمان المعتبر في اتصال الخطاب بالجواب، وقد قدمنا تعليلاً في ذلك، ومِلْنا في التعليل إلى ما في المشيئة من التمليك.

ولو قال: "أنت طالق إن شاء فلان"، لم يختص ذلك بقرب زمانٍ ومجلس، وهو بمثابة ما لو قال: "أنت طالق إن قدم فلان".

وإذا قال لأجنبي: إن شئتَ فامرأتي طالق، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أن هذا على التراخي، كما لو قال: إن دخلت الدار. والثاني - إنه على الفور؛ فإنه استدعاء نطقٍ يقع جواباً، فحقه أن يكون على الفور، وقد قال الشافعي: في الإيلاء لو قال لها: والله لا أقربك إن شئت، فشاءت في المجلس، كان مولياً، فشَرَطَ المشيئةَ في المجلس، وإن لم تكن قد مُلّكت الطلاق، [لم] (٢) يُعلّق بمشيئتها الطلاق. وهذا يؤكد أحدَ الوجهين في الأجنبي. ويجوز أن يفرضَ في محل النص [تخريجاً] (٣) أخذاً من الخلاف المذكور في الأجنبي.

ويجوز أن يفرّق بينها وبين الأجنبي، [بأن] (٤) الإيلاء قد يُفضي إلى الطلاق، فهي في حكم المملَّكةِ على هذا التقدير.


(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) في الأصل: "ولم" بزيادة (الواو) وهو يقلب المعنى، إذ المقصود: أنها لو لم تملك الطلاق، لم يتعلق بمشيئتها، فهو عُلِّق بمشيئتها لأنها ملكته.
(٣) في الأصل: تخريجٌ. والتصويب منا على ضوء السياق، فالمعنى: يجوز أن يفرض هذا الوجه تخريجاً من الخلاف المذكور في الأجنبي. وهذا قريب من عبارة ابن أبي عصرون.
(٤) في الأصل: فإن.