وإذا قال الزوج: امرأتي طالق إن شاءت، قال القاضي: هذا مما أتوقف فيه؛ فإنها لو شاءت، لوقع الطلاق، وملكت نفسها، فهي مخيّرة مُملّكة على هذا الرأي.
وينتظم ممّا ذكرناه أنه إذا خاطب امرأته بالمشيئة بحرف (إن)، فهذا على الفور، لاجتماع معنى التمليك والاستنطاق بالجواب، ولو قال: أنت طالق إن شاء زيد، فهذا لا يُحمل على الفور، لانتفاء معنى التمليك واستدعاء الجواب.
ولو قال لزيد: زينب طالق إن شئتَ، فوجهان لوُجُود استدعاء الجواب وانتفاء التمليك.
وإذا قال: امرأتي طالق إن شاءت، فهذا فيه معنى التمليك، وليس فيه استدعاء الجواب.
وفي هذا الفصل الأخير مستدرك عندي، فإذا قال: وامرأته حاضرة: امرأتي طالق إن شاءت، فيجوز أن يُتخيل في هذا تردد. وإن كانت غائبةً، فقال ما وصفناه، فيبعد اعتبار اتصال [الجواب](١)؛ فإن الحالة ناطقة بصريح التعليق والبعدِ عن قصد التمليك، وإذا قال لامرأته: أنت طالق إن دخلتِ الدار، فقد ملكها التسبب إلى الطلاق، ثم لم يكن لهذا أثر في حمل الدخول على الفور، ويجوز أن نقول: إذا بلغها الخبر، فيحتمل أن يطلب منها الابتدار إلى المشيئة، وليس هذا بعيداً عن غرض المتكلم.
٩١٧٥ - وإذا قال: أنت طالق إن شئت أنت وأبوك، فمشيئتها تختص بالمجلس، وإن شاءت هي في المجلس، وأخّر الأبُ، ثم شاء، قال القاضي: لم يقع الطلاق، لأنه قرن بين مشيئة الأب ومشيئتها على الفور، فلزم من المشيئة المقترنة بمشيئتها ما يلزم من مشيئتها. وهذا حكاه رضي الله عنه، وراجعه أصحابه فيه، فأصر عليه.
والتحقيق أن مشيئة الأب قرينةُ مشيئةٍ يشترط فيها التعجيل والاتصال، فتكتسب مشيئةُ الأب من الاقتران التعجيلَ؛ فإن حقها أن تكون مقترنة بمشيئة الزوجة، وإذا
(١) زيادة اقتضاها السياق، ثم هي في عبارة ابن أبي عصرون.