تعجّلت مشيئة الزوجة، واقترنت بها مشيئة الأب، كانت على التعجيل.
ويحتمل احتمالاً ظاهراً أن تكون مشيئتها على البدار والاتصال، ولا يجب رعاية ذلك في مشيئة الأب، وتقرّ كلّ مشيئةٍ على حكمها لو كانت مفردةً، وهو كما لو قال: أنت طالق إن شئت ودخلتِ الدار، فالمشيئة حقها أن تتنجّز، ودخول الدار لو استأخر، ثم وقع، وقع الطلاق.
٩١٧٦ - ولو قال: أنت طالق إن شئتِ، فقالت: شئتُ إن شئتَ، فقال الزوج: شئتُ، لم يقع شيء؛ لأن المشيئة حقها أن تكون مبتُوتةً مجزومة؛ فإذا قالت: شئتُ إن شئتَ، فقد أخرجت ما قالت عن كونه خبراً عن المشيئة الحقيقية. وهذا واضح (١).
٩١٧٧ - ولو قال: أنت طالق ثلاثاً إلا أن يشاء أبوك واحدةً، فشاء واحدةً، فالمذهب المشهور أنه لا يقع شيء؛ لأن معنى الكلام وتقديره الظاهر:"أنتِ طالق ثلاثاًً إلا أن يشاء أبوك واحدةً، فلا يقع شيء"، فعلّق عدم وقوع الثلاث بمشيئته واحدةً، وقد شاء واحدةً.
وهو كما لو قال: أنت طالق ثلاثاًً إلا أن يدخل أبوك الدار، فإذا دخل الدار، لم يقع شيء، فمشيئته واحدة بمثابة دخوله الدار في الصورة التي ذكرناها.
وذهب بعض أصحابنا إلى أنهُ يقع واحدةً، والتقدير عنده: أنت طالق ثلاثاًً إلا أن يشاء أبوك واحدة، فواحدة، فكأنه يقول: الثلاث يقعن إلا أن يكتفي الأب بواحدةٍ، فلا يقع إلا واحدة، وهذا التردد فيه إذا أطلق اللفظ، ولم يُرد شيئاً؛ فإن أراد وقوع واحدة على التأويل الذي ذكرناه في توجيه الوجه الضعيف، فلا شك أن الواحدة تقع؛ فإن التأويل وإن بعد، فهو مقبول، إذا كان مقتضاه وقوع الطلقة.
ومن قال: إنه يقع واحدة إذا أطلق لفظه، وهو الوجه البعيد، فلو قال اللافظ:
(١) علق ابن أبي عصرون على هذا قائلاً: "قلت: بل لم تأت بالمشيئة في الحال، وإنما علقت وجود مشيئتها على وجود مشيئته" (ر. صفوة المذهب: جزء٥ ورقة ١٦ شمال) فهو يرى عدم الوقوع موافقاً للإمام، ولكن يخالف في التعليل.