(٢) في هذا الكلام والاستدلال حذف لمعلومٍ أدى إلى ما يشبه التناقض. وبيان ذلك أنه يستدل على أن وقوع الطلاق غير معلّق بمشيئة القلب، فذكر دليلاً على ذلك عدم تصديق فلان إذا قال: "دخلتُ الدار" وهذا عكس المطلوب، فلو كان التعليق بالظاهر، لصدق ووقع الطلاق، ولكن في الكلام حذفٌ للعلم به، والتقدير: وإذا كان من المعلوم المسلم أنه إذا قال لامرأته: "أنت طالق إن دخل فلان الدار" فقال فلان: دخلت، وقع الطلاق، فدلّ ذلك على أن الطلاق معلق بوجود اللفظ الدال على المشيئة والدخول، لا على حقيقة ذلك، ولو كان معلقاً على حقيقة المشيئة، لم يُصدّق فلانٌ المعلّقُ بدخوله إذا قال: دخلتُ. ويشهد لمحاولتنا هذه تلخيص الإمام ابن أبي عصرون لكلام إمام الحرمين؛ إذ قال ما نصه: "ولو قال: أنت طالق إن شئت، فقالت بلسانها: شئت -وهي كارهة- وقع الطلاق ظاهراً، وهل يقع باطناً؟ حكى القفال عن أبي يعقوب الأبيوردي أنه لا يقع، كما لو قال: أنت طالق إن حضت، فقالت: حضت -كاذبةً-، لم يقع في الباطن شيء. وقال القفال: يقع باطناً؛ لأنه معلق بلفظ المشيئة؛ ولهذا لو قال: أنت طالق إن شاء فلان، فقال: شئت، صُدِّق ووقع الطلاق. ولو تعلق بمشيئة القلب، لكان بمثابة قوله: إن دخل فلان الدار، فأنت طالق، فقال: دخلت، وقع الطلاق" ا. هـ (صفوة المذهب/جزء ٥ ورقة: ١٧ يمين).