للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد يَرِدُ على هذا التباسُ (١) النذر بالكفارة؛ فإن الكفارة إن كانت لا تستدعي تعييناً لإسنادها إلى جريمة أو إلى ما هو في معنى الجريمة، وتعيينُها ذكرُ أسبابها، وهذا قد لا يتحقق في النذر؛ فإن التزام القربة قربة، والدليل عليه أن من كان عليه نذرٌ، وصومٌ آخر مفروض عن قضاء، فإنه يتعرض للنذر.

وقد حكيت عن القاضي أنه قال: إذا التبس ما عليه من العتق بالنذر والكفارة، كفاه أن ينوي به العتق الواجب، فليتأمل الناظر هذا، والظن بالقاضي أن يطرد ذلك في الصوم المتردّد بين المنذور وبين الكفارة مع التباس الحال، فهذا فيه نوع تأمل على الناظر. ولو ذهب ذاهب إلى التزام التعيين لأجل النذر، فإنه يكتفي بإعتاق عبدين يجرّد نيته في أحدهما عن النذر ويبهم الآخر، والعلم عند الله.

ثم إذا رفعنا (٢) اشتراط التعيين في نية الكفارة، فلا فرق بين أن يتحد الجنس وبين أن يختلف، ولا فرق بين أن يكون الفرض صوماً، أو إعتاقاً، أو إطعاماً، فلو كان عليه كفارتان، فصام أربعة أشهر بنية الكفارتين أجزأه، وانصرف كل شهرين إلى كفارةٍ.

[ولو صام شهرين] (٣) شهراً عن هذه الكفارة وشهراً عن تلك، لم يجز، والسبب فيه أن التتابع شرط في الصيام، فإذا صام يوماً عن غير ما شَرَعَ فيه، فقد انقطع التتابع في ذلك المقدّم (٤) وهذا افتتاح كفارة أخرى.

ولو كان فرضه الإطعام وعليه كفارتان، فأطعم مائة وعشرين مسكيناً عن الكفارتين أجزأه. ولو كان ينوي بمُدٍّ كفارةً، وبمُدٍّ كفارةً أخرى واتخذ ذلك سجيَّة حتى أتى بما عليه، فلا بأس؛ إذ لا (٥) تتابع في الإطعام.


(١) في (ت ٢): يرد البابين النذر بالكفارة إن كانت لا تستدعي تعيناً لاستثنائها إلى جهة، وإلى ما هو في معنى الجهة.
(٢) (ت ٢): وقعنا.
(٣) في الأصل: ولو صار بشهرين. والمثبت من (ت ٢).
(٤) (ت ٢): في ذلك المقام.
(٥) (ت ٢): فلا بأس أولاً شارع في الإطعام.