للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسألة يتضمن ثبوت [الحرمة] (١) من الجانبين، وإن ألحق القائف الولد بأحدهما أو انتسب المولود النسيب إلى أحدهما، وهذا القول الذي ذكرناه في إثبات الحرمة من الجانبين إنما يجري إذا تعذر تعيين أب النسيب بفقدان القيافة، وانتساب الولد النسيب، فإذا انحسم مسلك التعيين، جرى هذا القول، والقول الأول في أصل المسألة متضمنه إثبات التحريم من الجانبين مع إمكان القائف أو جريان الانتساب عند عدم القائف.

ومن قال بالوقف فإنما حمله عليه امتناع انتماء ولد الرضاع، وعسر عنده أيضاًً الحكم بإثبات الحرمة من الجانبين، فأطلق الوقفَ على ما سنبين حكمه.

قال صاحب التقريب: إن فرعنا على قول الوقف، فإذا يصنع هذا المرتضع، وكيف حكمه في الحل والحرمة إذا أضيف إلى الزوج أو الواطىء؟

قال: على هذا القول ثلاثة أقوال: أحدها - أنه يخير المولود، فإن أراد أن يستحل مواصلة أحدهما، فعل، [ولا يواصلهما] (٢) على الجمع، ولكن إن واصل أحدهما على مقتضى الاستحلال، ثم انقطع عنه، وأراد مواصلة الثاني، فله ذلك، ثم لو أراد العَوْدَ إلى الأول، فله ذلك، فيدور عليهما، ولا يجمع بينهما في الاستحلال، كالسيد إذا اشترى أختين، فإنه لا يجمع بينهما في الاستحلال، ولكن إذا وطىء واحدة، حرمت عليه الأخرى، فإن أراد استحلال التي حرمت، حرَّم الأولى، واستحل الثانية.

وهذا القول ضعيف، ووجهه الممكن أن تعميم التحريم لا سبيل إليه، ولا مطمع في تعيين جانبٍ، فإذا امتنع تعميم التحريم، وتحقق استواء الجانبين، لم يمتنع التردد بينهما، ويُرَدُّ أثر التحريم إلى المنع من الجمع، وهذا أضعف الأقوال؛ فإنّ ما تمهد من تغليظ الحكم في التحريم لا يحتمل التردد في حكم التخير والدوران من جانب إلى جانب؛ فإنه إذا دار على الجانبين، فقد اقتحم التحريم قطعاًً، فلا سبيل إليه.


(١) في الأصل: الحرية.
(٢) في الأصل: ولا يواصلها.