للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولو اعترف القاطع والمخرج بالتعمد، فالوجه القطع بأن القطع في اليمين يبقى، ويبقى النظر في أن القطع هل يجب على الجلاد في قطع اليسار، ويعود هاهنا تصوير الإباحة [والبذل] (١).

ومما يجب التنبه له أن الاستبدال قصداً لا يُجزىء في حد الله. فهذا منتهى القول في المسألة، والله المستعان.

فصل

١٠٥٣٦ - إذا قطع الرجل يدَ مجنونٍ واستوجب القصاصَ، فلا شك أن المجنون ليس من أهل الاقتصاص، ولكن لو وثب المجنون على الجاني، وقطع يده، فهل يقع ذلك القطع قصاصاً؟ ذكر العراقيون وجهين: أحدهما - أنه يقع؛ فإنه المستحِق للقصاص، وقد جرى القطعُ على صفة الاستحقاق. والثاني - أن القطع الذي صدر منه لا يقع عن جهة القصاص؛ فإنه لا حكم لفعله، وليس هو من أهل استيفاء حقوقه.

فإن قلنا: [لا يقع] (٢) قطعُه قصاصاًً، ولا يهدرُ القطع؛ فإنه وإن لم يكن من أهل استيفاء الحقوق، فإتلافه مضمون، ثم إن جعلنا له عمداً، فالغرم في ماله، وإن لم نجعل له عمداً، فالغرم [مضروب] (٣) على عاقلته، وسقط القصاص الذي كان [يستحقه] (٤) بسقوط المحل، لا بطريق الاستيفاء، فيثبت له أرش يده في مال الجاني عليه.

وهذا إذا لم يصدر من الجاني تمكين من القطع، فأما إذا أخرج الجاني على المجنون يدَه حتى قطعه قصاصاً، فقد قال العراقيون: لا يقع القطع قصاصاً وجهاً واحداً هاهنا، فإن التفريط من المخرِج الجاني، وليس كما إذا قطع المجنون من غير تمكينٍ من الجاني، ثم قالوا في الصورة الأخيرة إذا جرى القطع، كان هدراً؛ من جهة


(١) في الأصل: "والبدل".
(٢) في الأصل: "لا يجب".
(٣) في الأصل: "مصروف".
(٤) في الأصل: "مستحقه".