للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لا يعرف إلا به، والأصحاب -على قطعهم أن [مؤنة] (١) الجلاد في القصاص على المقتص منه- يذكرون وجهين في مؤنة الجلاد على الحدّ.

والوجه توجيه قولنا: إن مؤنة الجلاد من بيت المال هاهنا. فنقول: ليس الحد حقّاً يوفيه من يلزمه بمثابة إلزام الحقوق المالية وغيرها، فليس الحدود [حقوقاً] (٢) في الذمم، وإنما هي سياسات، فليقُم بها [السائس] (٣)، وليلتزم مؤنتها، وليس كالقصاص الذي يثبت حقاً مستحقاً ثابتاً عوضاً في مقابلة متلَف، وهذا بيّنٌ، إن شاء الله عزوجل.

١٠٥٥٣ - قال الشافعي: "ولو قال المجني عليه عمداً قد عفوت ... إلى آخره" (٤).

الكلام في العفو يستدعي تقديمَ مقدمة في الإباحة، فإذا قال الآمر (٥) نفسُه للرجل: اقطع يدي فقطعها، فإن لم تَسْر الجراحةُ، لم يضمن القاطع شيئاًً؛ فإن الإباحة [صدرت] (٦) من مستحق البدل؛ فتضمنت الإهدار.

وإن لم يسلط على القطع، [بل قال] (٧): اقتلني فقتله، فلا قصاص عليه، وتنتصب الإباحة شبهةً في درائه.

وفي وجوب الدية قولان مبنيان على أن الدية تثبت للورثة ابتداء، أم تثبت للمتوفى، ثم تنتقل إلى ورثته، وهذا فيه قولان: أحدهما - أنها تثبت للورثة؛ فإنها


(١) في الأصل: "صورة".
(٢) مكان بياض في الأصل.
(٣) في الأصل: "الناس".
(٤) ر. المختصر: ٥/ ١٢٣.
(٥) الآمر: المراد: من يملك أمر نفسه، كما عبر بذلك الرافعي حيث قال: "إذا قال لغيره: اقطع يدي، والقائل مالك لأمره، فقطع المأذون يده، لم يجب عليه قصاص ولا دية" (ر. الشرح الكبير: ١٠/ ٢٩٦).
(٦) في الأصل: "صورت".
(٧) في الأصل: "ولو قال": وهذا أقل تعديل تستقيم به العبارة.