للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا غير سديد، والأصح الأول.

ثم الوجهان عندي فيه إذا ظهر ظن السلامة، فأما إذا أركب الولي الطفلَ دابة شرسة جموحة، فلا شك أنه يتعرض للضمان.

وإن مست حاجة مرهقة إلى إركاب الصبي في [نقلة] (١) لا بد منها، فهذا -وإن أفضى إلى الهلاك- لا يوجب الضمان، وهو بمثابة ما لو عالج الولي الصبي بالفصد عند إشارة الأطباء بذلك، فإذا أفضى إلى الهلاك، فلا ضمان، والوجهان فيه إذا ظن السلامة، وكان لزينةٍ (٢) أو حاجة قريبة، فينتظم إذ ذاك الخلاف، وما من مسألة من مسائل اختلاف الأصحاب إلا وفيها غائلة يتعين البحث عنها.

فصل

قال: "وكذلك لو رموا بالمنجنيق ... إلى آخره" (٣).

١٠٧٢٧ - إذا رَمى رجل بحجر المنجنيق إنساناً، وقصده بعينه، وكان مما يتأتى القصد فيه على التعيين، فهذا عمدُ قودٍ، وإن رمى بالحجر طائفةً وقصدَهم، وكان لا يتأتى قصد واحد منهم بعينه، ولكن كان يعلم أن الحجر يصيب واحداً منهم، فإذا أهلك واحداً منهم على الوجوه التي ذكرناها، فلا يجب القصاص عليه؛ لأنه لم يقصد شخصاً متعيناً، وإنما يتحقق العمد إذا قصد بفعله شخصاً معيناً وأماته، وكان ذلك الفعل إنما يقصد به ذلك المعيَّنُ، وهو يُفضي إلى القتل غالباًً.

ولهذا قلنا: إن من أكره رجلاً على أن يقتل رجلاً من رجالٍ، وقال: إن لم تقتل واحداً منهم، قتلتك، فإذا قتل واحداً منهم، لم يكن مكرِهاً، ولم يجب القصاص عليه، وكما خرج المكرِه عن حقيقة الإكراه الموجِب للقصاص، كذلك يخرج الرامي عن كونه عامداً إذا كان لا يقصد شخصاً بعينه.


(١) في الأصل: "غفلة".
(٢) كذا، وهي صحيحة، فقد نقلها الرافعي عن الإمام. (ر. الشرح الكبير: ١٠/ ٤٤٤).
(٣) ر. المختصر: ٥/ ١٣٨.