للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد يختلج في نفس الفقيه من هذا شيء، سيما إذا كان القوم محصورين في موضع، وقد سدد الجاني عليهم، وكان على علم بأنه لو أراد، لأتى على جميعهم واحداً واحداً، فقصد ذلك واعتمده، وأتى عليهم، وحقق قصده فيهم، فإذا تُصورت المسألة بهذه الصورة، فالذي أراه وجوبَ القصاص على الرامي.

وإنما [يستدّ] (١) ما قدمته لو قصد أن يصيب واحداً منهم لا بعينه، أو عدداً مخصوصاً منهم، فإذ ذاك يتجه ما ذكره الأصحاب.

وعلى هذا أقول: لو أكره رجل رجلاً على أن يقتل جماعة، وأخبره أنه إن بقَّى واحداً منهم، قتله، فإذا قتلهم وحقق ما استدعاه المكرِه، فالقصاص يجب على المكرِه، وإن كان المكرَه في كل قتل يُقدم عليه غيرَ محمول في عينه على القتل، من جهة أنه كان يُقدم على من يريد منهم إلى الاستيعاب والإتيان عليهم أجمعين.

١٠٧٢٨ - ومما يتعلق بما نحن فيه أن عشرة لو اجتمعوا على حذف المنجنيق ورَمْي الحجر بالآلة العتيدة (٢) للرمي، فرجع الحجر على الجانقين (٣) وقَتَلهم، وقد اشتركوا في الرمي، فصار انقلاب الحجر عليهم مُحالاً على أفعالهم، فقياس الباب في ذلك أن نهدر [من] (٤) دية كل واحد منهم [عُشرها] (٥) [ويبقى] (٦) تسعةُ أعشار دية كل واحد من الجانقين على عواقل أصحابه، ولو رجع ذلك الحجر على واحد منهم وقتله، فَهدَرَ (٧) عُشرُ ديته بمشاركته إياهم في الرمي، [وبقي] (٨) تسعة أعشار ديةٍ على عواقل الباقين وهذا بيّن لا غموض فيه.


(١) في الأصل: "يستمر".
(٢) "العتيدة": أي المعدّة المهيأة المتخذة للرمي.
(٣) الجانقين: رماة المنجنيق.
(٤) في الأصل: "عن".
(٥) زيادة اقتضاها السياق.
(٦) في الأصل: "وينقص".
(٧) فَهَدَرَ: أي بطل، كما مر من قبل.
(٨) في الأصل: "ونقص".