للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السفينتين، فحكم العاملَيْن بإذنهما حكم القائمَيْن (١) في الأقسام التي ذكرناها، من العمد المحض وشبه العمد والخطأ، ويتعلق بهما من الحكم ما يتعلق بالقائمَيْن لو كانا هما المجريين، والقصاص عليهما في حالٍ مع الديات، والديات على عواقلهما في حال، ويضمنان [شِحنة] (٢) السفينتين بكمالهما، لا يضيع منها شيء، فإن شِحنة كل سفينة تلفت بإجرائها مجرى السفينة الأخرى، فلا يفوت من الضمان شيء، ويضمن [الأجراء] (٣) السفينتين بكمالهما لا يضيع منهما شيء.

وفي هذا المعنى تنفصل مسألة الأجراء عن مسألة القائمَيْن المالكَيْن للسفينتين، فإن المالكَيْن يهدر نصف سفينة كل واحد منهما، فإن فعل المالك في ملكه [يهدُر] (٤) على التفصيل الذي تقتضيه قاعدة الصدمة، [والأجيران] (٥) ليسا مالكين للسفينتين، فإن قيل: إذا فرض من [الأجيرين] (٦) خطأ، فلِمَ نُضمّنهما؟ قلنا: [الأجير] (٧) يضمن العمدَ والخطأ، وإنما يختلف القول فيما يتلف تحت يد الأجير من غير فعل من جهته.

فإن قيل: أليس يختلف قول الشافعي في الأجير المشترك إذا قَصَرَ الثوب وخرقه؟

قلنا: إن تعدى، ضمن، وإن جاوز حد القِصارة المطلوبة منه، فأدى مثلُ تلك القِصارة إلى عيب، فهذا ليس إتلافاً غيرَ مأذون فيه، وما نحن فيه مفروض فيه إذا جرى الاصطدام منسوباً إلى فعليهما، وليس في استئجارهما ما يتضمن إذناً فيما جرى من الاصطدام، وهذا واضح لا خفاء به.

وكل ما ذكرناه فيه إذا كان الاصطدام بسبب فعليهما، وكانا يُجريان السفينتين عمداً أو خطأً.


(١) القائمين: المراد المالكين كما سيصفهما في السطور القريبة الآتية، وإنما استعمل لفظ القائمين للمالكين إحالة على المسألة السابقة التي قيدها بأن القائمين هما المالكان.
(٢) في الأصل: "سجة".
(٣) في الأصل: "الأحرار".
(٤) في الأصل: "لهذا المالك".
(٥) في الأصل: "الأحرار".
(٦) في الأصل: "الآخرين".
(٧) في الأصل: "الآخر".