للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يؤويه وأهله، ويجب أيضاً ألا نكلفه أن يبيع من عبده الذي تمس حاجته إلى خدمته، كما قدمنا ذلك في الكفارات المرتبة، وبيان الانتقال فيها من الأصل إلى البدل، والأصل المرعيّ ما ذكرناه من رعاية المواساة من غير أن تكون مجحفة.

وهذا هو الذي فهمه الأولون من العلماء الذين قربت أعصارهم، حتى حملهم على ما نصفه في مقدار ما يحمل كل واحد من العواقل، فقالوا: على [الغني] (١) في آخر كل سنة نصفُ دينار، ولا مزيد، وعلى المتوسط ربعُ دينار، ولا نعرف في ذلك أثراً [ثابتاً] (٢) ولا خبراً، ولكنهم علموا على الجملة المعنى الذي أشرنا إليه من رعاية المواساة، واستبانوا أنها لا تليق إلا بفضلات الأموال التي لا يحيف بها هذا المقدار. ١٠٧٦٤ - وأنا أقول الآن والله المستعان: لست أعرف ضبطاً من جهة التوقيف - لفظاً ولا معنىً- يشير إلى بيان [الغِنى] (٣) أو إلى تقريب قول فيه؛ فإن الغنى والتوسط من أسماء النِّسب، وهي لا [تنحصر] (٤) ولا تنقصر، فالرجل ذو الثروة الضخمة بالإضافة إلى من فوقه قد يكون متوسطاً، وهو بالإضافة إلى من تحته غنيّ.

فأقصى ما يتخيله الإنسان في ذلك على الجملة أمور نشير إليها، ثم أذكر ما يتعلق بمقتضى العقل في ذلك، فأقول: قد يخطر للناظر أن المتوسط هو الذي يقع في الدرجة العامة والطبقة العليا من طبقات المتصرفين في البلاع الذي يرقيهم عن رتبة الفقر، والغنيّ هو الذي يقع في رتبة الاختصاص، ويعدّ من [الأفراد] (٥)، فيقع المحتاجون طرفاً، والمخصوصون [يقعون طرفاً إذا قرّبنا القول فيه] (٦)، والغنيّ من أشرنا إليه.

هذا وجهٌ، وهو بعيد لا سبيل إلى اعتقاده؛ فإن ضرب العقل إنما هو في التحقيق


(١) في الأصل: "القرب".
(٢) غير مقروءة في الأصل.
(٣) في الأصل: "الفن".
(٤) في الأصل: "شخصين".
(٥) في الأصل: "الإقرار". ومعنى الأفراد: أي الآحاد المعدودين المرموقين.
(٦) في الأصل: "الواقعون إذا إذ قربنا القول فيه".