للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشرك، والنظر يتردد فيما على عاقلة المسلمين، والفروع التي قدمناها والصور التي أوردناها تعود في طريان الإسلام، غير أنا لا نستريب في أن ما لا نضربه على العاقلة المسلمة لا نضربه على بيت المال، وقد تقدم تقرير هذا بما فيه مَقْنَع. وقد ذكرنا في كتاب الجراح طرفاً من الكلام في طريان الردة بعد نفوذ السهم، وزوالِها قبل وقوع السهم في المرض، وهو كاملٌ في فنه، ولا نعيده.

فصل

قال الشافعي رضي الله عنه: "وإذا جنى رجل بمكة وعاقلته بالشام ... إلى آخره" (١).

١٠٨٠٠ - نقل المزني في هذا الباب مسألتين: إحداهما - أن من جنى وله عواقل غُيَّب هم الأقربون، ولو فرض [الضرب] (٢) عليهم، [لاستوعب] (٣) الضرب عليهم المبلغَ المطلوب، ولكن في الضرب عليهم وهم غُيّب مسيسُ حاجةٍ إلى انتظار زمان، وللقاتل من الأقارب طائفةٌ حضور، فهل للسلطان أن [يضرب] (٤) على الحضور؟ في المسألة قولان: أحدهما - وهو الأقيس أنا لا نضرب على الحضور، ونجعل وجودهم كعدمهم، ونسعى في الضرب على الغُيَّب، والقاضي إن أراد قضى عليهم، وإن أراد أثبت القتل، وكتب إلى قاضي الناحية التي بها الغيّب، حتى يكون هو القاضي عليهم. هذا هو الوجه، وهو طريق السعي في إثبات الحق عليهم.

والقول الثاني - أن للسلطان أن يضرب على الحضور؛ فإن هذا الباب مبناه على المواساة، وعلى تحصيل الغرض بطريق التناسب، ولهذا يتعدى الأقارب إلى الأباعد إذا فضل من الواجب شيء بعد حصص الأقربين، فإذا كان يعسر الوصول إلى الغيّب، فلا يمتنع على قاعدة الباب الضربُ على الحضور.


(١) ر. المختصر: ٥/ ١٤١.
(٢) في الأصل: "القرب".
(٣) في الأصل: "لا نستوعب".
(٤) في الأصل: "يصرف".