للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو فرض ما ذكرناه في المعاهدين -وهم أصحاب العهود المؤقتة- فهم كأهل الذمة إذا كانت مدة عهودهم لا تقصر عن أهل الضرب، وإن كانت مدتهم سنة والعقل في ثلاث سنين، أخذنا منهم حصة السنة، ورجعنا في الباقي إلى القاتل.

ولو كان القاتل يهودياً وأقاربه نصارى أو على العكس، فللشافعي رضي الله عنه قولان: أقيسهما - أنا نضرب عليهم -وإن اختلفت مللهم- إذا (١) جمعهم الكفر، كما نورث البعض من البعض [وإن] (٢) اختلفت أديانهم، والقول الثاني - أنا لا نضرب موجَب جنايةِ كافرٍ على من ليس من أهل ملته؛ فإن ضرب العقل مبناه على التناصر، وهذا [مفقود] (٣) عند اختلاف الملل.

ومما فرعه الأئمة في ذلك أن الذمي إذا جنى، ولم نجد له عاقلة من الكفار، [حيث] (٤) تجب الدية، [فالدية مأخوذة] (٥) من ماله، ثم هي تتأجل عليه حَسَب التأجل على العاقلة، وليس لقائل أن يقول: الآجال أثبتت في حقوق العواقل تخفيفاً عليهم، فإذا طالبنا القاتل، فلا أجل؛ لأن أصل الأجل ثابت، وهذا كما أن الدية إذا تغلظت [بشبه] (٦) العمد، ضربت على العاقلة، وإن كانوا لا يستحقون التغليظ عليهم.

١٠٨٠٦ - ثم قال الأئمة: إذا كنا نضرب العقل على الذمي، فلو وجدنا له أباً أو ابناً، فهل نضرب عليهما؟ فعلى وجهين: أصحهما - أنا لا نضرب عليهما؛ فإنهما


= أحدهما - لبعد المسافة، وهذا حكمه معروف.
والثاني - الامتناع عن قبول الحكم بالضرب، وحينئذ يكونون قد نقضوا عهد الذمة، وليسوا أهلها.
* تنبيه: تأمل في هذه الحواشي، لتتأكد أنها ليست فروف نسخ، فنسخة الأصل وحيدة، وإنما المثبت في الصلب هو من ثمرة المعاناة في استكناه الصواب وتوسمه.
(١) بمعنى"إذ".
(٢) في الأصل: "فإن".
(٣) في الأصل: "مقصود".
(٤) زيادة لاستقامة الكلام.
(٥) في الأصل: "فالدية هي مأخوذة".
(٦) في الأصل: "بستون".