للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عامة الخلق، وإما أن يكون لمنفعة [يبتغيها] (١) الحافر.

وإما أن يفرض الاحتفار في غير منفعة، فإن كان الاحتفار لمنفعة المسلمين، مثل أن يفرض احتفار بئر [ليستقي] (٢) الناس منها، أو يفرض احتفار بئر يتسرب إليها فضلات المرازيب (٣)، [يُصوّر] (٤) بإذن الوالي ومن غير إذنه، وللأصحاب طريقان: منهم من قال: إن كان بإذن الوالي، فليس عدواناً، ولا يتعلق به ضمان، وإن كان بغير إذن الوالي، ففي المسألة قولان: أحدهما - أنه عدوان يتعلق به عند فرض ترتب التلف عليه الضمانُ، والثاني - أنه ليس بعدوان.

توجيه القولين:

١٠٨١٥ - من قال: إنه ليس بعدوان وجه ذلك بانتفاء الضرر، وتحقق النفع، وألحق ذلك بوجوه المعروف التي يُستَحَثُّ العامة عليها، ومن قال بالقول الثاني، احتج بأن حقوق العامة ثابتة على الاشتراك، ووجوه النفع والضرر لا ينضبط فيها وجه الرأي، والتصرف في الشارع على الجملة تصرفٌ في محل حق الناس عامة؛ فليس للأفراد حق الاستبداد. هذا مسلكٌ.

ومن أصحابنا من عكس هذا الترتيب، وقال: إن انفرد بالاحتفار من غير مراجعة مَن إليه الأمر، ثم فرض التردي، وجب الضمان، وإن راجع الوالي، وفرض الاحتفار بإذنه، ثم تردى في البئر المحفورة متردٍّ، ففي وجوب الضمان قولان.

والطريقة الأولى أمثل؛ فإن الحفر إذا كان للمصلحة، وكان صَدَرُه عن إذن الناظر في المصالح نظراً في الرأي الكلي والجزئي، [فيبعد] (٥) تقدير الضمان، ولو أقر الإمام ابتداء باحتفار بئر، ثم فُرض التردي فيها، فلا يصير إلى إثبات الضمان -والحالة هذه-


(١) في الأصل: "يتبعها".
(٢) في الأصل: "ما يستقي".
(٣) المرازيب جمع مرزاب، لغة في الميزاب (المصباح).
(٤) في الأصل: "تضرر".
(٥) زيادة اقتضاها السياق.