للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إلا جسورٌ] (١)، غير خبير بوضع الإيالة الكلية، والمصلحة الجزئية، ولا نأمن أن صاحب الطريقة الثانية يجعل احتفار الإمام -إذا أفضى إلى تلف متردٍّ- من الأسباب التي تضرب مثلاً [لما يُفضي] (٢) إلى هلاكٍ من غير استحقاق. وفي غلطات الأئمة كلامٌ طويل، وترتيب وتفصيل، وهو يأتي، إن شاء الله عز وجل.

ومما يجب التنبه له أن ما ذكرناه من الترتيب فيه إذا كان الغرض [من] (٣) الاحتفار مصلحة عامة، فأما إذا قصد الحافر مصلحة نفسه في احتفاره، فأفضى إلى تردٍّ وهلاكٍ، فإن انفرد، لم يختلف العلماء في وجوب الضمان، وإن استأذن الوالي، ثم فرض التردي، فالذي قطع به الأئمة، أنه يجب الضمان عليه، وفي بعض التصانيف حكايةُ وجه في نفي الضمان إذا كان [الحفر] (٤) بإذن الوالي في الطريق الواسعة، فإن رجع الحفر فيها إلى الحافر، [ثبت الضمان] (٥). [وهذا] (٦) بعيد عن التحصيل.

فإن قيل: إذا أثبتم الضمان، فهل يجوز للوالي أن يأذن فيه؟ قلنا: لا بأس عليه لو أذن فيه، إذا كان الغالب على الأمر أنه لا يجر ضرّاً، وهذا بمثابة ما لو أذن للإنسان أن يهىء لنفسه مقعداً في وسط الشارع، [وأن يرفع دِكّة] (٧)، وقد يضع حجراً أو قد يحفر زُبية (٨)، فيردّ فيها الأمتعة، وكل ذلك سائغ.

أما البناء الذي إذا تطاول [إلى أعلى] (٩) أوشك أن يُظَنّ مستحَقاً، فلا يسوّغ، وقد مهدنا معظمَ هذه القواعد في كتاب الصلح.


(١) في الأصل: "للأجور".
(٢) في الأصل: "ويفضي".
(٣) في الأصل: "في".
(٤) في الأصل: "الحقه".
(٥) زيادة من المحقق لاستقامة الكلام.
(٦) في الأصل: "فهذا".
(٧) في الأصل: "فأن يرفع دركه".
(٨) زبية: أي حفرة. وعبارة الغزالي في البسيط: "كما يجوز له ذلك في حفرة يقصُر فيها الأمتعة ". (البسيط: ٥ ورقة ٦٩ شمال).
(٩) في الأصل: "إلى من عليه". وفيها تصحيف لم يقدّر لنا أن ندرك وجهه.