للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الثالث، فهلاكه مضاف إلى سببين: أحدهما - جذب الثاني إياه، والثاني جذبه الرابع، وهذا [يقتضي] (١) التنصيف، فنُهدر نصفاً لجذبه الرابع، ونوجب نصفاً على الثاني.

وأما الرابع فسبب هلاكه شيء واحد، وهو جذب الثالث إياه، فلا مهدر في حقه، وتمام ديته على الثالث.

هذا بيان مذهب علي (٢) وهو مختار أئمة المذهب.

١٠٨٣٢ - وذهب أكثر الأصحاب إلى وجهين آخرين سوى ما أوضحناه من مذهب علي وهو اختيار الجمهور، ونحن نذكر الوجهين كما وجدناهما، ثم نُتبع [ذلك] (٣) تحقيقَ ما نحكي.

من أصحابنا من قال: إذا كان [الفرض] (٤) في ثلاثة فَهَدَرَ (٥) الأول والثاني جميعاً،


(١) في الأصل: "نقيض".
(٢) هكذا قال إمام الحرمين، إن هذا الوجه هو مذهب علي، وتبعه الغزالي، ولكن المروي عن علي غير هذا، وسنذكره بعدُ.
والرافعي حكى في المسألة أربعة أوجه، ووافق الإمامَ والغزالي من وجه، وخالفهما من وجه، وافقهما في أن هذا هو الأصح، وخالفهما في أنه هو المروي عن علي رضي الله عنه، (ر. الشرح الكبير: ١٠/ ٤٣٨، ٤٣٩). والوجه الذي حكاه الرافعي عن الإمام علي، ولم يجعله (الأصح)، بل قال: " والناصرون للأصح في المسألة، لم يثبتوا قصة علي كرم الله وجهه، وربما تكلفوا تأويلها " هذا، والمروي عن الإمام علي هو ما حكاه الرافعي، وليس ما نسبه الإمام والغزالي، وفيه: "أن ناساً باليمن حفروا زبية للأسد، فوقع الأسد فيها، فازدحم الناس عليها، فتردى واحد، فتعلق بواحد فجذبه، وجذب الثاني ثالئاً، والثالث رابعاً، فرفع ذلك إلى علي، فقال: للأول ربع الدية، وللثاني الثلث، وللثالث النصف، وللرابع الجميع، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأمضى قضاءه"
(رواه أحمد: ١/ ٧٧، ١٢٨، ١٥٢، والبيهقي في الكبرى: ٨/ ١١١، وانظر تلخيص الحبير: ٤/ ٥٨ - ح ١٩٤٣).
(٣) في الأصل: "لطلب".
(٤) في الأصل: "الغرض".
(٥) فَهَدَرَ: أي بطل: من باب ضرب وقتل (المصباح) ومعنى بطل: أي هدر دمه، وذهبت ديته هدراً.