للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فأما] (١) دية الثالث، فإن نصفها يضاف إلى الأول، ونصفها يضاف إلى الثاني.

والذي ذكره الأصحاب في توجيه ذلك: أن الأول لا يضاف هلاكه إلى البئر، فإنه لما جذب الثاني، فقد جنى على نفسه جناية مباشرة، وحفر البئر تسبُّبٌ بعيدٌ، وإن وجدنا مباشرة، أسقطنا معها أثر السبب، وإذا خرج النظر إلى البئر من البئر، فهلاكه مضاف إلى ثقل الثاني، وإلى ثقل الثالث، أما ثقل الثاني، فهو الذي جذبه [وحوّله] (٢) إلى نفسه، وأما ثقل الثالث، فهو من وجه مضاف إلى الأول، فإنه جذب الثاني، وجذب مجذوبه، فصار الأول هالك أيضاًً، لأنه جذب الثالث، فكان هذا مباشرة منه، فسقط جذب الأول له، وأما الثالث، فإنه مضاف هلاكه إليهما جميعاً: إلى الثاني؛ من حيث إنه جذبه، وإلى الأول من حيث جذب جاذبه.

وهذا الوجه ليس مما يضعف فيه وجه الظن والرأي، بل هو خطأ على تحقيق؛ من جهة أنه أهدر الثاني بالكلية، [وهلاكه] (٣) بجذب الأول له، وجذبه الثالث، ولئن كان يخطر لذي نظر إسقاط أثر البئر بمباشرة الجذب، فإسقاط أثر جذب الأول، وهي مباشرة [بجذب] (٤) الثاني الثالثَ غيرُ معقول (٥).

ثم قال هذا القائل: الثالث يضاف هلاكُه إلى [جذبين] (٦)، فكيف [يستدّ] (٧) إضافة هلاكه إلى [جذبين] (٨) مع أنه لا يضاف هلاك الثاني إلى [جذبين] (٨)، فلا حاصل لهذا. وقد نجز أحد الوجهين الزائدين على مذهب الجمهور.


(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) مكان كلمة غير مقروءة بالأصل. رسمت هكذا: (وحومله) تماماً.
(٣) في الأصل: "وكونه".
(٤) في الأصل: "فجذب".
(٥) وعبارة الغزالي: " ... ولكن مساقه يقتضي ألا يهدر الثاني، لأن هلاكه بجذبه وجذب الأول، فإن قدم الجذبَ على البئر، فلم يقدم الجذبَ على الجذب؟ " (ر. البسيط جزء (٥) ورقة: ٧٢ يمين).
(٦) في الأصل: "إلى خدش". (كذا بكل وضوح رسماً ونقطاً).
(٧) في الأصل: "يستند".
(٨) في الأصل: "خدش".