للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعتمد المذهب أن القتل ممكنٌ من غير جرح، ولو كان يقول: إن لم يكن عليه أثر من جرح، أو ضغطٍ في مجرى النفس، أو [تورّم] (١) في الخصيتين، فالهلاك محمول على الموت حتف الأنف، لكان ذلك مذهباً يجب البحث عنه، فأما مذهبه إنه (٢) لو بدا أثر التعلّق والتخنيق في رقبته، فلا حكم لذلك ما لم نجد جرحاً.

فإن قيل: ما قولكم فيه إذا صودف ميتاً، ولا أثر أصلاً؟ وقد قيل: الأخذ على الفم والأنف إلى انخناق النفس [يسوّد] (٣) وجه الميت [ويثور] (٤) الدم صُعُداً، فإذا لم نفرض أثراً أصلاً، فالحمل على الموت الوفاقي ممكن. قلنا: هذا فيه بعض النظر، ولم أر انتهاء تفصيل الأصحاب إليه، والموت فجأة ليس أمراً بدعاً، فيخرّج على هذا الاحتمال أن اللوث في القتل [شرطُه] (٥) ظهورُ أثرٍ، [والمعنى] (٦) المتلقى من فحوى كلام الأصحاب حملُ الأمر على القتل (٧)، ولئن كان الدم [قد ينعكس إلى مقرّه، بعد أن فاضت الروح، فالأمر] (٨) محتمل، والعلم عند الله.


(١) في الأصل: " تورح ".
(٢) جواب أما بدون الفاء.
(٣) في الأصل: " برد ". (كذا تماماً).
(٤) في الأصل: " ويثرد ". والمعنى أن الدم يثور صاعداً إلى الوجه فيسودُ الوجه، هذا وقد وجدنا ما أثبتناه (ويثور) منقولاً عن الإمام، نقله الرافعي. (ر. الشرح الكبير: ١١/ ٢٤) وذلك من فضل الله وحسن توفيقه.
(٥) في الأصل: " شرط ".
(٦) في الأصل: " والمال ".
(٧) عبارة الغزالي هنا أكثر إيضاحاً، فقد قال: " ومساق كلام الأصحاب في التجاوز عن هذا التفصيل يدلّ على أن اللوث قائم، فإن القتل مع اندراس أئره ممكن، والعداوة ظاهرة، فأمكنت الإحالة عليها " (ر. البسيط: ٥/ورقة: ٩٧ شمال).
(٨) في الأصل: " الدم إلى مقره والأمر " والمثبت تصرّف من المحقق أداءً للمعنى بعبارتنا.
والمعنى: إذا كان أثر الجراحة أو أثر القتل قد يذهب أثره، فيحتمل أن نقول باللوث، ولا أثر أصلاً، وهذا هو المتلقى من فحوى كلام الأصحاب، ثم معنى ينعكس الدم إلى مقره مرتبط بقوله آنفاً: "ويثور الدم صعداً " فالمراد أنه يذهب أثر الجناية، فلا يشترط في اللوث ظهور أثر.
ولعل من المناسب أن نذكر نص عبارة الرافعي في هذه المسألة، إيضاحاً للمعنى،=