للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن لم يقسم حتى مات، ولم يفرض منه نكول، قال الشافعي: والأصحاب معه: للورثة أن يقسموا، وإذا أقسموا، صرفت القيمة إليها.

فإن قيل: كيف يقسم الورثة وأم الولد إذا قبلت الوصية، ملكت القيمة، والورثة إذا [أقسموا بالوراثة، كانوا مقسمين] (١) على قيمة هي ملك غيرهم، فكيف ينتظم هذا؟

وهذا السؤال ليس مما يستهان به، وسبيل الجواب عنه أن الورثة خلفوا الميت، ولا تختص خلافتهم عنه بما يملكون إرثاً (٢)؛ فإنه لو مات ولم يخلف تركة، وكان عليه دَيْنٌ فإذا قضاه الوارث، فعلى مستحق الدين أن يقبله، بخلاف ما لو تبرع أجنبيّ بقضاء دين الميت؛ فإنه لا يجب على مستحق الدين قبوله.

وغالب ظني أني رأيت لبعض الأصحاب خلافاً في الوارث أيضا -إذا لم يخلِّف مَنْ عليه الدين شيئاً- وينزله منزلة الأجنبي المتبرع بقضاء الدين.

فيرجع تحصيل القول في تعليل إقسام الورثة [إلى] (٣) أن الموروث إذا أوصى، فيظهر في غرض الوارث [التشهِّي] (٤) في تحقيق مراده، وتنفيذ وصيته، فثبت لهم - لظهور هذا الغرض بحق خلافة الوراثة- الإقسامُ، والدليل عليه أنهم يقسمون إذا لم تكن وصية، مع القطع بأنهم لم يكونوا ملاك العبد لما قتل في حياة الموروث، ويقسمون [ويستحقون، وما كان ثبت شيء من استحقاقهم بالقتل] (٥)، وإذا ثبت


(١) عبارة الأصل: " أنشؤوا الوراثة كانوا منقسمين ".
(٢) أي لا تختص الخلافة بالملك فقط، بل هناك حقوق تورث، كما هو معروف في علم الفرائض.
(٣) في الأصل: " إلا ".
(٤) في الأصل: " التشفي ".
(٥) في الأصل: " ويستحقون وما كان أكثر من استحقاقهم بالقتل " والمثبت من تصرف المحقق، والمعنى -على أية حال- أنهم لم يكونوا يملكون العبد لما قتل، والقيمة لم تكن ثبتت لمورثهم؛ فإنها لا تثبت إلا بثبوت القتل بأيمان القسامة، فإذا أقسموا، أثبتوا القتل، وأثبتوا ضمناً حق مورثهم مستنداً إلى حالة القتل، فاستحقوا -بناء على ذلك- خلافته.