للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكفار، وقد يكون أسيراً فيهم، أو تاجراً من المسلمين، عَسُر عليه الالتحاق بالمسلمين؛ فإن السهم لو مال إلى بعض من في صف المسلمين في ازورار الصفوف والتحام الفئتين وقتله، كان مضموناً بالدية.

ولو علم أن في الدار مسلماً، فقصد كافراً، فأخطأ السهمُ وأصاب المسلم، فلا قود، وتجب الدية والكفارة، ولو لم يعلم مسلماً في الدار، وقصد شخصاً قدّره كافراً، [بأن] (١) كان في صفهم أو على زيّهم، فبان مسلماً، لم يلتزم القود، ولزمت الكفارة، وفي الدية قولان، وكان شيخي يطرد القولين في الدية إذا مال السهم إلى أسير مسلم، وكان يعلم أن فيهم مسلماً، ونزّل هذا منزلة ما لو قصد شخصاً ظنه كافراً، فكان مسلماً، وهذا منقاس حسن.

وإذا قتل في دار الإسلام شخصاً علمه كافراً من قبلُ مباحَ الدم، فتبين أنه كان أسلم -والقاتل نجهل ذلك من حاله- فالدية تلزم، وفي وجوب القود قولان، وذلك لأن دار الإسلام دار حقْنٍ، فيجب أن يكون [القتل فيه] (٢) على تثبت بخلاف دار الحرب، وإذا جرى قتلٌ على الصورة التي قدمناها في دار الحرب فلا ينسب القاتل -بترك التعرف- إلى تفريط.

هذا مجامع القول فيما يوجب الكفارة، وفيمن يلتزمها.

١٠٩٦٣ - ثم نختتم الباب بأوجه غريبة في مسائل: [منها] (٣) ما ذهب إليه أئمة المذهب أن من قتل عمداً، واقتُصّ منه، فالكفارة تجب في تركته، وحكى صاحب التقريب وجهاً غريباً نقله وزيّفه أن القصاص يُسقط الكفارة، وتقع النفس في مقابلة النفس، والسيفُ محّاء الذنوب. وهذا غير معتد به.

ومما ذكر غريباً في الباب أن جماعة من أهل الالتزام إذا اشتركوا في قتل إنسان مضمونٍ بالكفارة، فيجب على كل واحد منهم كفارةٌ بكمالها؛ فإن تعطيل الكفارة


(١) في الأصل: " فإن ".
(٢) في الأصل: " ديه "، والمثبت من (هـ ٢). والضمير يعود على (الدار) بتأويلٍ لا يعسر عليك.
(٣) زيادة من المحقق.