للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموضحة، وإمضاء الحكم بها، ثم يعسر إجراء القصاص، إذا لم يدرك المحل، وهذا يظهر تصويره فيه إذا كان برأس المدعي المشجوج شجات، والشهود يزعمون أن ما شهدوا عليه واحدة منها، وعسر عليهم تعيينها، (١ فهذا موضع النظر.

والوجه عندي أن الموضحة المدعاة إن كانت خطأ، فلا يضرّ عُسْرُ ١) تعيينها في الصورة التي ذكرناها، ويثبت أرشها.

وإن كانت الموضحة المدعاة بحيث توجب القصاص لو ثبتت، فإذا عجز الشهود عن تعيين محلها والتبست بشجاج على الرأس، فهذا محل التردد؛ فإن المقصود من هذه الجراحة -لو ثبتت على صفتها- القصاصُ، وإثبات القصاص عسرٌ، فلا يبعد ألا تثبت الجناية أصلاً، كما لو شهد رجل وامرأتان على موضحة معيّنة موجبها القصاص، فإن أرش الموضحة لا يثبت لامتناع ثبوت القصاص، وهذا الذي ذكرناه اختيار القاضي، ويجوز أن يقال: يثبت أرش الموضحة؛ فإن الشهود رجال عُدول، أو رجلان عدلان، وهم من أهل إثبات القصاص، فلم يأت العُسر من نقصان البينة، وإنما أتى من خللٍ آيلٍ إلى الالتباس، وكان شيخي يميل إلى هذا، والمسألة فقيهة حسنة.

فصل

قال: " ولو شهدا على رجلين أنهما قتلاه ... إلى آخره " (٢).

١٠٩٧٣ - يجب الاهتمام في مضمون هذا المفصل بتفضيل الصور، وتمييز البعض منها عن البعض، وتوفير حظ كل مسألة من وجوه البيان: نقلاً، وتعليلاً، وبحثاً.

والمسألة الأولى مفروضة فيه إذا شهد شاهدان على رجلين بالقتل، فشهد المشهود عليهما على الشاهدين بأنهما قتلا ذلك الشخص المعيّن، فلا يخلو إما أن يكون المدعي هو الذي تولى الدعوى بنفسه أو وكل وكيلاً لينوب عنه في الدعوى، فإن كان قد تولى الدعوى بنفسه، فإن ادعى على والآخرَيْن وشهد الأوّلان عليهما على وفق الدعوى،


(١) ما بين القوسين سقط من (ت ٤).
(٢) ر. المختصر: ٥/ ١٥٤.