للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٠٩٧٤ - ثم فرع صاحب التقريب على الوجه الضعيف في أن الشهادة تقبل قبل الدعوى، فقال: إذا ابتدرك أربعة إلى مجلس القاضي، وشهد اثنان منهم على الباقيَيْن، أنهما قتلا فلاناً، وشهد الباقيان أن الأولين قتلا ذلك الشخص، ولم يسبق من الولي دعوى، فما حكم ما جرى والتفريع على قبول شهادة الحسبة؟ قال: في المسألة وجهان: أحدهما - أن الشهادتين باطلتين، وليست إحداهما أولى بالقبول من الثانية، وقد تصادمتا.

والوجه الثاني - أنا نراجع مستحقَّ الدم، فإن لم يصدقهم، بطلت شهاداتهم، وإن صدق اثنين منهم وقع القضاء بشهادتهما، وتبطل شهادة الآخَرَيْن؛ وذلك أنا وإن كنا نقبل الشهادة قبل الدعوى، فإذا تأيدت إحدى الشهادتين بتصديق المدعي، سقطت الأخرى، كما لو ادعى، فشهد اثنان على وفق الدعوى، ثم شهد آخران على هذين الشاهدين من غير دعوى، فالشهادة الثانية مردودة، لتأكد الشهادة الأولى بالدعوى، وإن كنا نقبل الشهادة من غير دعوى. هذا منتهى كلام صاحب التقريب في هذا التفريع.

وقال قائلون من أصحابنا: إذا شهد اثنان من الأربعة على الباقيَيْن منهم أنهما قتلا فلاناً، فشهد الباقيان على الأولين أنهما قتلاه، فشهادة الباقيَيْن مردودة لعلتين: إحداهما- لأنهما يدفعان عن أنفسهما ما قرب ثبوته عليهما، وإذا تضمنت الشهادة دفعا، رُدت.

والمعنى الثاني - أنهما صارا عدوين للشاهدين الأولين لما جرى لهما، وشهادةُ العدو على عدوه مردودة، وهذا الوجه حسنٌ فقيه، والأولى الاكتفاء بتعليل ردّ شهادة الباقيين لكونهما دافعين؛ فإن العداوة التي تردّ بها الشهادة لا تثبت بهذا المقدار، والقولُ فيها من غوامض أحكام الشهادات، وسنذكر بتوفيق الله تعالى في تلك القواعد المنتشرة ما يقربها من الضبط، ويسهل مأخذَها على الطالب، إن شاء الله تعالى.

١٠٩٧٥ - ومما نرى تقديمه على الاتصال في المسألة والخوضِ فيها اختلافٌ مشهور للأصحاب في أنا إذا فرّعنا على الأصح، وقلنا: لا تُقبل الشهادة في حقوق الآدميين