للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأولَيْن من غير استعادة شهادة، وإن رددناها، وقد رد (١) المدعي شهادة الأولين، فيخرج من ذلك بطلان شهاداتهم.

ولو كان قد قدم الدعوى على والآخرَيْن، فلما شهد الآخران قَبْل الاستشهاد، صدقهما، فقد أبطل دعواه الأولى بهذا التصديق، وهذه الدعوى الجديدة باطلة [بتقرّر] (٢) الدعوى الأولى، فإنه إذا سبق منه قول، فهو مؤاخذ بمقتضاه، ومقتضى قوله الأول بطلانُ قولهِ الثاني، وهذا واضح.

وأما الغرض المطلوب في هذا ما قدمناه في هذا الفصل.

هذا كله إذا تولى المدعي الدعوى بنفسه قبل الشهادات أو بعدها.

١٠٩٧٦ - ولو كان قد وكل المدعي وكيلاً في الدم، وما كان قد عين المدَّعى عليهما، فادعى الوكيل على رجلين قَتْلَ الشخص المطلوب، وأقام شاهدين عليهما، ثم شهد المشهود عليهما على الشاهدين أنهما قتلا ذلك الشخص، فلم يوجد ممن له الحق بعدُ دعوى.

فإن صدق الوكيلَ والشاهدين الأولين، فقد استمرت الخصومة، وإن صدق والآخرين، فله الدعوى على الشاهدين الأولين، وبطلت الدعوى على الآخرين، ويبقى في شهادة الآخرين التفصيلُ الطويل المترتب على أصولٍ: منها شهادة الحسبة، ومنها تعرضهما للدفع عن أنفسهما، ومنها أن من ابتدر الشهادة قبل الاستشهاد، فردت شهادته، فإذا أعادها بعد الدعوى هل تقبل؟

فإن قلنا: شهادة الحسبة مقبولة، فقد شهد الآخران قبل الدعوى، ولكن يبقى النظر في أنهما دفعا عن أنفسهما، فإن لم نُقم لذلك وزناً في المسألة المتقدمة، يقع القضاء بشهادة والآخرين إذا اتصل بها تصديق صاحب الحق، من غير حاجة إلى الإعادة، وإن قلنا: الشهادة مردودة لتضمنها الدفعَ فيه إذا تولى المدعي الدعوى بنفسه، فترد الشهادة في هذه الصورة، لأن دعوى الوكيل في ظاهر الحال مسموعة،


(١) ت ٤: "يرد".
(٢) في الأصل: " بتعذر "، و (ت ٤): " يتعزر ". والمثبت من تصرف المحقق.