للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلاف مشهور، والأقيس جواز الخروج من غير إذن. والثالثة - أن يتخلف الناس عن طلب العلم، وينتهي الأمر إلى لحوق الخروج [بالخروج للعلم المتعين] (١)، فلا حاجة بالخارج إلى الإذن. والرابعة - أن ينتهض للطلب منتهضون، فمن له أبوان هل يحتاج إلى الاستئذان؟ فيه وجهان: أصحهما -أنه لا يحتاج، والوجه الآخر - ضعيف. والقول في تفصيل العلم يأتي إن شاء الله.

١١٢٨٦ - فأما إذا أراد الإنسان الخروج لتجارة أو غيرها من الأغراض، فقد أطلق القاضي أن الأسفار المباحة لا بد فيها من إذن الوالدين، وهذا كلام مبهم، فلا شك أنه أراد السفر الطويل؛ فإن الخروج للنُّزه وغيرها دون مسافة القصر مطلقة قطعاً، وأما الأسفار الطويلة، فإن كان فيها تعرّض لخوفٍ ظاهر، فلا بد من إذن الأبوين، كسفر الجهاد، بل هو أولى بالافتقار إلى الإذن، لأنه ليس فرضاً على الكفاية.

وركوب البحر فيه تفصيل قدّمته في كتاب الحج على الشرائط المعروفة فيه، فقد يظهر إن لم نوجبه للحج، فلا بد لراكبه من إذن أبويه، وإن أوجبنا ركوبه لسفر الحج على الشرائط المعروفة فيه، فقد يظهر أنه يجب اعتبار رضا الوالدين، في السفر المباح في البحر؛ لأن شفقتهما إذا انضمت إلى ذكر أهوال البحر، ثار منها ما يثور منهما في سفر الجهاد. والعلم عند الله تعالى.

فأما الأسفار في البر والطرق آهلة، والأمن غالب، فالذي أراه أن ما لا يطول فيه زمان الذهاب والإياب، وإن كان يبلغ مرحلتين وأكثر، لا يحرم، وما يطول فيه الأمد، ففيه احتمال، ويجوز أن ننظر إلى الخروج إلى المواضع التي تتواصل الرفاق إليها قاصدة [وإلى] (٢) ما لا يتصوّر ذلك فيه، وهذا بمثابة الخروج إلى الرّبى (٣).

هذا لا يعدّ سفراً منقطعاً. والخروج إلى مصرٍ انتهاضٌ إلى بقعة لا يتواصل الرفاق


(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) في الأصل: إلى (بدون الواو).
(٣) إلى الربَى: أي إلى المتنزهات.