للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو بلغ اتساعُ المال مبلغاً لا ينقُصه مثل هذا. فالظاهر عندي القطع بصرف المال إلى التكملات.

ولو وجدَ الإمام متطوعاً بالأذان حسن الصوت، ووجد آخر بالأجر حسن الصوت، رقيقه، فقد كان شيخي لا يرى بذل المال في تحصيل حُسن الصوت ورقته، وهذا خارج عندي على قياس القول في المؤذن الثاني في المسجد الكبير.

٧٠٩ - وقد نجزت مسائل الأذان، ونحن نختمها بذكر من هو من أهل الأذان ومن ليس أهلاً له، فنقول:

من ليس له قصدٌ صحيحٌ، لو اتفق منه نظم كلمة (١) الأذان، فلا يعتد بأذانه، كالمجنون، وهو كالهاذي. والسكران، أمره خارج على الخلاف في تصرفاته، فإن جعلناه من أهلها، فقصده كقصد الصَّاحي، فلو نظم الأذان اعتدّ به.

والصبي المميز من أهل الأذان، فإنَّ قصده صحيح في العبادات، وكيف لا يصح أذانه، وإمامته في الصلوات المفروضة صحيحة؟.

المرأة إذا أذّنت للرجل أذانَ الإبلاغ، لم يعتدّ بأذانها، كما لا تصح إمامتها، فأمّا إذا كانت تؤذن في نفسها، ففيه الخلاف المقدّمُ في صدر الباب.

وأمّا الكافر، إذا أذّن -ويمكن فرض كافر مستمر على كفره مع فرض الأذان- فإن العيسوية (٢) يقولون: محمد رسول الله إلى العرب. فلا ينافي مُطلقُ الأذان مذهبَهم.

ومن أذَّن منهم للمسلمين، لم يعتد بأذانه؛ فإن الأذان دعاء إلى الصلاة، والكافر ليس من أهل الصلاة؛ فكيف يكون من أهل الدعاء إليها، والمرأة لم تكن من أهل إمامة


(١) "كلمة الأذان": المراد بها كلام الأذان، وهو استعمال صحيح، تطلق (الكلمة) على الكلام، ومشهور قول ابن مالك في (ألفيته): "وكلمةٌ بها كلام قد يُؤم".
(٢) العيسوية: طائفة من اليهود، ذهبت إلى إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ولكنهم خصصوا شرعه بالعرب دون من عداهم، وهي تنسب إلى أبي عيسى إسحاق بن يعقوب الأصفهاني (أو الأصبهاني. ولذا تسمى أيضاً الأصبهانية) وظهرت في أيام المنصور العباسي. (ر. الإرشاد لإمام الحرمين: ٣٣٨، والملل والنحل للشهرستاني: ٢/ ٢٠ بتحقيق عبد العزيز الوكيل).