للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أصحابنا من قال: إن كان الزمام أو العِنان بيد [الراكب] (١)، فتوجيه الدابّة قِبَل القبلة سهل؛ فلا بد منه، وإن كانت الدابّة مقطّرة (٢)، وكان في توجيه القبلة عسر، فلا يُشترط استقبال القبلة عند التحرّم أيضاً.

وذكر الشيخ أبو بكر وجهاً ثالثاً، فقال: إن كان وجْهُ الدابة إلى القبلة عند الهم بالتحريم، فيتعيّن ذلك، وإن كان وجْهها إلى صوب الطريق، فلا يجب صرفها إلى القبلة، بل يتحرك كما تُصادَفُ الدابة.

وإن كان وجه الدابة منحرفاً عن القبلة والطريق جميعاًً، فلا يتحرّم. والدابة منحرفة عن الجهتين قطعاً، فإذا أراد صرفَ وجه الدابة ليتحرم، تعين صرفه إلى جهة القبلة، ليتحرم، ثم يستدّ في صوب طريقه.

وذكر بعض المصنفين، وشيخي وجهاً آخر: أنه لا تجب رعايةُ استقبال القبلة قط، كيف فرض الأمر.

فمجموع ما ذكرناه أربعة أوجه نشير إلى توجيهها، ثم نذكر المعتبر السديد منها

٧٢٠ - أما من لم يشترط الاستقبال قط، فنقول: إذا كنّا لا نشترط دوامَ ذلك، والتحريمُ عندنا ركن كسائر الأركان، فلا معنى لتخصيصه باشتراط الاستقبال عنده.

ومن اشترط قال: ينبغي أن يكون العقد على استجماع الشرائط، ثم استمرار الرخصة في الصلاة على حكم التخفيف، وهذا كاشتراط اقتران النيّة بأول التكبير، ثم لا يضرّ بعد ذلك عزوبُها؛ وإن كانت الأركان بعد التحريم عبادات، والعبادات تفتقر إلى النية.

ومن فصل بين أن يكون الزمام بيده، وبين أن يكون مقطَّراً، راعى العسر واليسر في التجويز والمنع.

ومن فصل بين أن يكون وجه الدابّة إلى الطريق أو منحرفاَّ [قال: "إن كان الطريق


(١) في الأصل: الركاب وكذا في: (ط). والمثبت من: (ت ١)، (ت ٢).
(٢) مقطرة: مربوط بعضها ببعض على هيئة قطار. من قطر البعير وأقطره: إذا ربطه بغيره وساقهما سياقاً واحداً (المعجم).