للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجزية وإن مضى عُشرها، فالواجب مقداره من الجزية، هذا أحد القولين، والقول الثاني - أنه تسقط الجزية بكمالها، فلا يجب من جزية هذه السنة شيء.

قال المحققون: حقيقة القولين ترجع إلى أن الجزية هل تجب بأول السنة أم يدخل وقت وجوبها عند انقضاء السنة؟ فمن قال: يدخل وقت وجوبها بدخول آخر السنة، يقول: إذا مات في أثناء السنة لم يجب من الجزية شيء، ومن أضاف وجوبها إلى أول السنة، قال: إذا مات في أثناء السنة، وجب من الجزية قسطٌ على قدر ما مضى من السنة.

١١٤٥٨ - ثم اختلفت عبارة الأصحاب في إضافة الوجوب إلى أول السنة، فقال قائلون: تجب الجزية بأول السنة دفعة واحدة، ولكن يستقر الجزء بعد الجزء. وقال قائلون: معنى إضافة الوجوب إلى أول السنة انبساط الوجوب على جميع الأوقات.

فأما الحكم بوجوبها دفعة واحدة في أول السنة فلا. والوجهان محتملان، ثم يجب عليهما جميعاً، قسط من الجزية إذا فرض الموت في أثناء السنة، ولو أسلم، كان في حكم الجزية كما لو مات.

ومما يتعلّق بهذه المسألة أنا إذا قلنا: الموت في أثناء السنة لا يستعقب وجوب شيء من الجزية، فلا كلام، وإن قلنا: [يجب] (١) قسط من الجزية، فلو أراد الإمام مع استمرار الذمة أن يطلب نصف الجزية مع انقضاء نصف السنة، فهل له ذلك؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه ليس له ذلك، لأن الطلب في آخر السنة عند استمرار الأحوال، بذلك جرت سُنن الماضين، وسِيَر المتقدمين، ولعل الجزية موضوعها على الإمهال كالزكاة.

ومما يتعلّق بالمسألة أنه لو مات، [فقد] (٢) استقرت عليه الجزية: أما إذا مات بعد السنة قولاً واحداً، أو مات في أثنائها على أحد القولين، فالجزية تؤدى من تركته، وهي مقدمة على الوصايا، وحقوق الورثة.


(١) زيادة من (هـ ٤).
(٢) في النسختين: وقد.