للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو كان في تركته ديون للآدميين، فكيف السبيل؟ اختلف أئمتنا في أن الجزية يُنحى بها نحو حقوق الله تعالى، كالزكاة، أو يُنحى بها نحو حقوق الآدميين، فمنهم من قال: هي من حقوق الآدميين، فإن مصرفها إلى المرتزقة، وليست من القُرَب، فعلى هذا الجزية كسائر ديون الآدميين تُسْتَحق، ثم في تقديم حقوق الله تعالى على حقوق الآدميين ثلاثة أقوال: أحدها - أن المقدّم حق الله تعالى. والثاني - أن المقدّم حق الآدمي. والثالث - أنهما يتساويان ويتصادمان. وقد قدّمنا هذه الأقوال في مواضع من الكتاب؛ فلا نعيد توجيهها، وتفصيلها.

فصل

قال: " ويشترط عليهم أن من ذكر كتاب الله تعالى، أو محمداً صلى الله عليه وسلم ... إلى آخره " (١).

١١٤٥٩ - المقصود الأظهر من الفصل، الكلام فيما ينقض الذمة، ولا ينقضها، ونحن نصدّر الفصل بنوعين من الكلام: أحدهما - كيفية عقد الذمة، والآخر - معنى جريان الأحكام على أهل الذمة.

فأما كيفية عقد الذمة، فقد قال العراقيون: إذا عقدت الذمة، فلا بدّ من ذكر الجزية؛ فإنها عماد الذمة [ومثلُها] (٢) الاستسلام لجريان الأحكام. لا بد من ذكر هذين، ولو لم يُذكرا، لم يصح العهد، وصرّحوا باشتراط التلفظ بما ذكرناه.

وذكر القاضي ذلك أيضاً على هذا الوجه.

أما قياس المراوزة، فهو أن الجزية لا بدّ من ذكرها، وأما ذكر الاستسلام للأحكام، فيجب ألا يشترط، ولا يجب التعرض له؛ لأن استسلامهم من حكم الذمة، ولا حاجة إلى ذكره، واشتراط ذكره بمثابة اشتراط ذكر الملك في البيع.


(١) ر. المختصر: ٥/ ١٩٨.
(٢) في النسختين: ومنها. والمثبت تصرف من المحقق، حتى يتحقق الفرق بين العراقيين والمراوزة.