للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهم، فالمذهب أنا لا نقيم عليه الحدّ، وإن رضي بحكمنا، وفيه خلاف، وقد قدمنا في ذلك كلاماً بالغاً.

وأما غير الخمر، فإذا نكح واحد من المجوس واحدةً من محارمه، فلا نتعرّض له، وإن ارتفعوا إلينا، ورضوا بحكمنا، فهذا يخرج على القولين في أنه هل يجب الحكم؛ [فإن التزمناه، حكمنا عليهم بحكم الإسلام] (١)؛ فإن القاضي يستتبع الخصوم في الحكم عليهم. وقد ذكرنا هذين القولين في أبوابٍ، وموضع استقصائهما أدبُ القضاء.

والغرض من ذكرهما الآن أنا حكينا من طريق العراقيين أن حد الزنا يقام عليهم، وكذلك حد السرقة، وهذا الذي ذكروه لا أنكر اتجاهه، بناء على أنا أقررناهم في دارنا على ألا نتعرّض لهم في موجَب دينهم على شرط ألا يتظاهروا به، ولا يظهروه، فأما إذا خالفوا دينهم، فالحكم جارٍ عليهم. هذا مسلكهم.

والذي أراه في ذلك أن من زنى منهم بمسلمة، أو سرق مال مسلم، فالحكم جارٍ عليهم؛ فإن الحكومات إذا تعلّقت بالكفار والمسلمين، فيجب على القاضي أن يحكم فيها على الكلفار أو لهم قولاً واحداً، وإذا اتصل الزنا بمسلمةٍ، أو فرضت السرقة في مال مسلم، [فإجراؤنا] (٢) الحكمَ عليهم على قياس قطعنا القولَ بالتزامهم أحكامنا، إذا كان خصومهم المسلمين.

فأما إذا زنى كافر بكافرة، أو سرق كافر مال كافر، فالذي أراه يخرج على القولين؛ فإنهم كما حرموا الزنا في دينهم، والسرقة، فكذلك حرموا الغصب، وتغييب الودائع وجحدها، ثم الخصومات الدائرة بينهم في هذه المعاني تخرج على القولين، ولا فرق إلا أن ما يختص بالأموال يفتقر إلى تقدّم الدعوى، وثبوتُ الزنا لا يتوقف على فرض الدعوى، والسرقة قد تتعلق بالدعوى، فيجب تقريب الأمر على ما ذكرناه.


(١) زبادة من (هـ ٤).
(٢) غير مقروءة بالأصل، والمثبت من (هـ ٤).