للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم] (١) الذمة عندنا سنة أو أكثر، فالكلام على ما ذكرناه من مقابلة كل سنة بدينار في حق كل رجل، فقد قدمنا أن عقد الذمة إلى صاحب الأمر، ولو تولاّه آحاد المسلمين، لم يلزم، ولم يثبت ولكن سبيله كسبيل الأمان، فلا اعتبار، ويُبلغ المؤمن المأمن، كما نفعله في الأمان.

١١٤٨٣ - ولو بقي الكافر سنة على حكم أمان الواحد من المسلمين، ففي وجوب الجزية عليه وجهان، ثم إن أوجبناها، فهي دينار في السنة.

ولو اندس واحد من الكفار فيما بيننا وبقي سنة أو سنتين، ثم شعرنا به وعثرنا عليه، فالذي رأيته للأصحاب أنا لا نأخذ منه شيئاً لما مضى، ولا نجعله بمثابة من سكن داراً سنة مغتصباً؛ فإن عماد ثبوت الجزية القبول، وهذا الداخل المتولّج فينا حَربي، لا أمان له، فلا يتحقق إلزامه من غير التزام، فإذا عثرنا [عليه] (٢) فإن لم يبذل الجزية ولم نبذل الذمة، قتلناه على مكانه، وغنمنا ما معه؛ فإنه حربي لا أمان له، ولو بذل الجزية، يعني التزمها، وطلبَ الذمةَ، فالذي ذهب إليه الأصحاب أنا نبذلها له، وذكر شيخي وغيره في مثل هذا المقام وجهاً أن الجزية لا تؤخذ؛ فإنه مأسور مقدور عليه واقع في القبضة محفوف بنجدة الإسلام، فكان بذل الذمة كبذل الأسير، وقد ذكرنا هذا في حكم الأسرى، وهذا وجهٌ حسن، لا ينبغي أن يغفل الفقيه عنه فيما يجريه من التفاصيل.

١١٤٨٤ - ولو دخل الحربي دارنا، وزعم أنه رسول، لم نكلفه إثبات الرسالة بحجة، ولا حجة (٣) إلا تصديقُه فيها، وليت شعري ما أقول ولا كتاب معه، وقد غلب على الظن كذبه؛ فإن مخايل الرسل لا تخفى، هذا فيه احتمال، والعلم عند الله تعالى.

ولو ذكر الكافر أنه دخل مستجيراً ليسمع الذكر، فهو مصدّق، ولا تعرض


(١) في الأصل: " عقد ".
(٢) زيادة من المحقق.
(٣) هـ ٤: "وجه".