قتلاً، وقال الشيخ أبو علي: من أصحابنا من خرج تقديم الكفارة على زهوق الروح على الخلاف الذي ذكرناه في تقديم الكفارة على السبب المحظور في الحنث، وهذا لا اتجاه له؛ فإن وقوع القتل ليس فعلاً مبتدأً يوصف بالحظر، وإنما يتعلق الحظر بالجرح الذي سبق الإقدام عليه، وقياس ما ذكره الشيخ أنه لو حلف: لا يقتل فلاناً، ثم جرحه، وقدّم تكفير اليمين على وقوع الزهوق، فيُخرَّج إجزْاء الكفارة على الوجهين، وهذا بعيد.
وأحسن الطرق في ذلك ما كان يذكره شيخي قال رضي الله عنه: يجوز تقديم التكفير على زهوق الروح مذهباً واحداً إذا كان التكفير بالمال، وهو الإعتاق، وإن أراد تقديم الصوم، ففي المسألة وجهان مع جرياننا على أن الصوم لا يقدم على الحنث، وكان يبني الوجهين في التكفير بالصوم في مسألة الجَرْح على الخلاف الممهد في أن صفات الكفاءة إذا ثبتت بعد الجرح قبل زهوق الروح، فهل يجب القصاص؟ وقد مهدنا (١) ذلك في كتاب الجراح عند ذكرنا طريان الإسلام والحرية بعد الجرح قبل الزهوق، وهذا حسن متجه، ولا يبعد في مثل ذلك مذهبُ التبيّن عند وقوع الزهوق، حتى نقول: نتبين وجوبَ الكفارة قبل الزهوق.
ومما يتصل بهذا المنتهى الظهارُ والعود، والذي رأيته للأصحاب أن الظهار والعود بمثابة اليمين والحنث في كل تفصيل، والأمر على ما ذكروه، والذي يحقق ذلك أن الكفارة منسوبة إلى الظهار، كما أنها منسوبة إلى اليمين.
١١٧٣٥ - ثم عماد المذهب بعد ذكر المسائل من طريق المعنى أن اليمين سبب خاص في إيجاب التكفير، والتكفير معزيٌّ إليها، كما أن الزكاة معزيّة إلى المال؛ فتقديم الكفارة على الحنث بعد اليمين كتقديم الزكاة على حولان الحول بعد انعقاد الحول، ولا يخفى أن التكفير قبل اليمين غيرُ معتدّ به، كما أن الزكاة قبل كمال النصاب، أو قبل ملك المال أصلاً غير معتدٍّ بها.