للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: المعني بالتزوج التسبب إلى تحصيل الزوجة، ولا أثر للتعاطي فيه، والموكِّل قد حصل على زوجةٍ إذا (١) قبل الوكيل النكاح له، ثم قال: التزوج في مجرى العرف بمثابة [التَملُّكِ] (٢)، ولو قال: لا أكلم عبداً ملكه زيد، فوكل زيد وكيلاً حتى اشترى له عبداً، فإذا كلمه الحالف، حَنِث؛ بخلاف ما لو قال: لا أكلم عبداً اشتراه زيد، فإذا وكل وكيلاً حتى اشترى له عبداً، لم يحنث الحالف بمكالمته.

هذا كلامه، وهو على القطع خطأ على المذهب، والأصحاب بأجمعهم [نصّوا] (٣) على خلاف ذلك، وقَضَوْا بأنه إذا حلف لا يكلم امرأة تزوجها فلان، فوكل فلان من يقبل له نكاح امرأة، لم يحنث الحالف بمكالمتها، ولست أنكر أن ما ذكره الصيدلاني وجهٌ من الكلام، ولكنه مذهب أبي حنيفة (٤) رضوان الله عليه؛ فإنه فصل بين لفظ التزوج ولفظ الشراء، فقال: التزوج في اليمين محمول على تحصيل الزوجة إما بتعاطي القبول، وإما بالتوكيل به إذا قبل الوكيل، بخلاف الشراء، والعجب أن الصيدلاني ذكر [بعد] (٥) هذا الردّ على أبي حنيفة رضي الله عنه في التزوج، وجاء بما يناقض هذا الكلام، فلا اعتداد إذاً بما ذكرناه له، وهو هفوة أطلنا الكلام في بيانها، فإنا (مجموعه) في المذهب معتمد؛ فما يندر فيه من زَللٍ يوشك أن يُعتمد، فأبلغنا في التنبيه لذلك.

١١٧٩٢ - ولو قال: " والله لا أشتري " فاشترى له وكيله، لم يحنث وفاقاً، ولو قال الوكيل: والله لا أشتري، ثم توكل واشترى لموكله مطلقاً، ولم يسم الموكِّل، ولكنه نواه، فالذي ذهب إليه جماهير الأصحاب أنه يحنَث، وإن لم يملك ما اشترى، لأنه يُسمّى مشترياً، وقوله: " اشتريت " يناقض قوله: " والله لا أشتري " ويمينه مطلقة، وقوله في إنشاء العقد مطلق.


(١) إذا: بمعنى (إذ).
(٢) في الأصل: " الملك ".
(٣) في الأصل: " قضوا ".
(٤) ر. مختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٢٧٤ مسألة ١٣٩٢، المبسوط: ٩/ ٩.
(٥) في الأصل: " بغتة ".