وذكر القاضي هذا الوجه كما ذكره الأصحاب، وذكر من طريق التخريج وجهاً آخر أنه لا يحنث؛ لأنه مستناب، وليس مشترياً لنفسه، والعقد ينصرف إلى موكله، فكان انصرافه إليه شرعاً بمثابة صرفه العقد إليه لفظاً.
ولا شك أن الكلام مفروض في اليمين المطلقة، وهذا التردد في الوكالة بالشراء، وما في معناه من العقود التي لا يشترط ذكر الموكِّل فيها، والوكيل بالتزويج خارج عن ذلك؛ لأنه يسمي موكله لا محالة. نَعم، لو قال:" والله لا أزوج فلانة " ثم توكل وزوجها وكيلاً تزويجاً صحيحاً، حَنِث في يمينه؛ لأنه زوجها حقاً، والتزويج بالوكالة كالتزويج بالولاية في الصيغة وحكم الاسم، والوكيل بالتزويج بمثابة الوكيل بالبيع، وإنما يختلف البابان في الوكيل بالتزوج والوكيل بالشراء.
فصل
قال:" ولو حلف لا يفعل فعلين ... إلى آخره "(١).
١١٧٩٣ - قد تبين في مسائل الطلاق أن من علق الطلاق بشرطين فصاعداً، لم يقع الطلاق إلا باجتماع الصفات والشرائط، والسبب فيه أن الشرائط إذا عُقّبت بالجزاء، اقتضت صيغةُ الشرط ارتباط الجزاء بجميع ما تقدم شرطاً، وما يسميه الفقهاء تعليقاً هو الشرط بعينه.
فإذا وضح هذا، رجعنا إلى غرضنا في اليمين، فإذا قال مشيراً إلى رغيفين:" والله لا آكلهما " أو صرّح، فقال:" لا آكل هذين الرّغيفين "، لم يحنث ما لم يأت عليهما جميعاً، لأنه علق يمينه على التثنية، فتعلّق البر والحنث بهما.
ولو قال: والله لا آكل هذا الرغيف، وهذا الرغيف، فالذي ذكره الأصحاب أنه لا يحنث إلا بأكلهما، كَمَا لو عبر عنهما بصيغة التثنية قائلاً: لا آكل هذين الرغيفين.
وهذا قد يعترض فيه إشكال من جهة أن المعطوف إذا ارتبط بفعلٍ صُدّر الكلام به،